المدن ومستقبل النقل

08-01-2019

دانييل أرايا *

تعد الفوائد الكبيرة التي تنطوي عليها السيارات الكهربائية وذاتية القيادة واضحة جداً، إذا ما سارت وفقاً للاستراتيجيات المرسومة، ولكن دراسة حديثة حذرت من أن عملية التحول نحو ذلك القطاع ربما تؤدي إلى استنزاف الأموال الحكومية. فقد أظهرت الدراسة التي أجرتها «ديلويت» وحملت عنوان «تمويل مستقبل النقل»، أن عائدات قطاع السيارات الكهربائية وذاتية القيادة في الولايات المتحدة ربما تسجل هبوطاً ملحوظاً في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة.

ولكن المشكلة هنا أن الأمر لا يقتصر على المستوى المحلي فقط، بل إن آثاره تتعداها إلى العالم الذي تريد مدنه تطوير ذاتها والوصول إلى مستويات متطورة في التقنية. تتحصل الحكومات اليوم على مبالغ ضخمة من قطاعات النقل من رسوم المواقف وغرامات المخالفات وضرائب الوقود والترخيص وغيرها، وهي مصادر دخل كبيرة بالنسبة للمدن، ولكنها مهددة بالجفاف مستقبلا، ومن المتوقع أن يزداد الضغط على قطاعات التنقل الحضري أيضا. تقرير «ديلويت» توقع كذلك حدوث عجز يقدر ب 7.5 تريليون دولار في التمويل الخاص بمشروعات البنى التحتية للطرق بحلول العام 2040.

ورغم أن الوقت لا يزال طويلا قبل حدوث ذلك، فإن ذلك العجز يسلط الضوء على مسألة مهمة للغاية، وهي أن المبالغ الضخمة التي أنفقها مصنعو السيارات والموردون والبلديات حول العالم لصالح المجتمعات المحلية، يمكن القول إن بعض غاياتها كانت تجارية لو نظرنا إليها من منظور أكبر.

هناك الكثير من المتغيرات المحلية، ولكن الطريقة التي نقوم فيها بتمويل قطاعات النقل العام مبنية على أنظمة النقل القائمة حالياً، وهي وسائل المواصلات التي تعمل بالوقود، كما أن العديد من الديناميات الموجودة تتغير باستمرار، من التحول إلى السيارات الكهربائية ونشوء المركبات ذاتية القيادة، وزيادة استخدام وسائل النقل العامة.

من أبرز التحديات التي ستواجه المدن مستقبلا، تراجع العائدات المرتبطة بأنظمة النقل، وذلك بالنظر إلى أن أعداد مستخدمي وسائل النقل العامة سوف تشهد نموا كبيرا، وبالتالي فإن عليها تغيير استراتيجياتها تماشياً مع وتيرة التطور الحالية، فمستقبل النقل أصبح الآن على الأبواب، وحري بالمدن التفكير بشكل أعمق في تأثيرات تحول القطاع والتخطيط المبكر لها.

تتضمن الآليات التي يمكن للمدن تبنيها لمواكبة التغيرات، تبني التقنيات الحديثة في تحليل البيانات والاستفادة منها لأقصى درجة، لإيجاد أرقام فعلية يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة، إضافة إلى الشراكة مع القطاع الخاص، التي من شأنها تسهيل عملية التحول إلى النقل المتكامل.

* أوتوموتيف وورلد