ثمن التسامح

08-01-2019

شيماء المرزوقي

هل يمكن تصور حضارة ومدنية وقيم من دون وجود للتسامح؟ وهل يمكن أن تجد مجتمعاً ينمو ويتقدم ويتطور ويسير بوهج إلى الأمام من دون قيمة التسامح؟

أعتقد أن الإجابة واضحة، وهي: لا يمكن تحقيق الكثير على سلم المجد ومسابقة الأمم من دون وجود قويّ وفعال لفضيلة التسامح؛ لأن التسامح هو ما يفسح المجال أمام الأفكار الخلاقة، وهو أيضاً ما يعطي مساحة للإبداع والانطلاق بعفوية وبلا خوف.. بلا خوف من هدر حقوقك الفكرية، وبلا خوف من ضياع حقوقك المادية، وبلا خوف من عقاب أو محاسبة.

المجتمع الذي يقدم التسامح، هو يقيم صرحاً أقوى من العدالة، فلا يمكن للتسامح أن يوجد وينمو من دون وجود حزمة أخرى من الفضائل والقيم الجميلة، مثل المساواة وتقبل الآخر وتفهم الآخر والآراء المختلفة. قلت: تقبل ولم أقل: اقتناع أو تبنٍّ؛ لأن التقبل هو الاستماع والفهم، أما الاقتناع أو عدم الاقتناع فهو أمر آخر لا يخدش أو يمس هذه القيمة العظيمة.

والتسامح لا يطالبك بثمن، ولا يدفعك للتنازل عن حقوقك مهما صغرت، وفي اللحظة نفسها التسامح لا يعني عدم اللجوء للقضاء أو للجهات الأمنية عندما يمسّك ما يوجعك أو ما يهددك، وهو أيضاً لا يعني الضعف والخمول، أو تناسي فرصك التي أهدرت منك والحقوق التي سلبت من بين يديك، بل هو يدفع لحمايتك وأخذ حقك؛ لأنك ستجد معظم مفاصل المجتمع متعاطفة متضامنة معك.

ببساطة متناهية يقدم التسامح للبشرية برمّتها جملة أو حزمة من الحلول؛ لتنعم هذه البشرية بالمحبة والسلام والأمن، والذي يجب علينا جميعاً أن نسعى لنشر فضائله وقيمه، وأن نروّج لتكون له الكلمة العليا في مختلف أوجه حياتنا.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com