الانحراف المفاجئ

08-01-2019

ابن الديرة

خلال اجتماعه مؤخراً، أعطى مجلس المرور الاتحادي بوزارة الداخلية، اهتماماً خاصاً لمقترح خطة الحملات المرورية الفصلية على مستوى الدولة، لكنه في الوقت نفسه ناقش مقترحاً بإطلاق حملات توعية شاملة خلال العام الجاري 2019، تستهدف الحد من الحوادث المرورية العديدة التي تقع بسبب الانحراف المفاجئ للسائق، وعدم الانتباه بشكل جيد للطريق، في إطار الجهود الكبيرة التي تبذلها إدارات المرور والدوريات لخفض أعداد الحوادث المرورية.

لدينا في دولة الإمارات العربية المتحدة مقومات وأسباب الوصول إلى سبق عالمي إضافي، بالوصول إلى أمل «دولة بلا حوادث مرورية»، أو على الأقل إعلان مناطق آمنة مرورياً ونظيفة من الحوادث، فحياة ضحايا الحوادث عزيزة وغالية، خاصة في بلد يستثمر في الإنسان ويضعه على رأس قائمة أولوياته واهتماماته، والمصابون هم أيضاً خسائر بشرية ثمينة، ولدينا أفضل طرق العالم بمواصفات نموذجية، ولا تهاون بالمطلق في تطبيق القوانين واللوائح والمبادئ المرورية على الجميع بلا أي استثناء مهما كان موقع المخالف.

إنه السائق، الإنسان، الذي يرتكب كل أنواع المخالفات المرورية ليتحول إلى ضحية أيضاً، فإذا صلح حاله واستقام أمره، فإن الصورة ستصبح وردية أكثر، وإيجابية، ولعل هذا الحال هو الذي يدفع قادة المرور في عموم البلاد لمناقشة تنظيم حملات توعية ليست فصلية ولكن على مدار عام، لمعالجة أحد أسباب الحوادث المرورية المميتة، الناتجة عن الانحراف المفاجئ للسائق وعدم الانتباه للطريق.

على الطريق يمكن أن تشاهد خلال فترة قصيرة مئات المشاهد التي تدل على انحدار الوعي المروري لدى البعض، وانعدامه أحياناً، واستهتار بعض السائقين، وعدم جدارة بعضهم بحمل الرخصة التي تجيز له القيادة، فواحد يتحدث بالهاتف، وآخر يتحدث ملتفتاً إلى مرافقيه، وثالث تسيطر عليه حالة عصبية تنعكس على طريقة قيادته للسيارة، ورابع يسير بسيارته بجانبك وفي لمحة بصر تجده انحرف ليأخذ طريقك، أو طريقاً ثانياً من دون أن ينتبه للسيارات القادمة عليه، فيخلق بيئة مناسبة جداً لوقوع حوادث تصادم مؤسفة.

توعية السائقين مهمة كثيراً ومطلوبة على مدار العام، لكن عندما نتأكد أن حملات التوعية طالت الجميع تقريبا، فيجب أن نكون أكثر قسوة بحق المستهترين مدمني مخالفة القوانين حتى لو كانت هذه المخالفات تهدد حياتهم والآخرين، ونشدد العقوبات بحقهم، فمن يرفض المعلومة الصحيحة التي تصله من خلال حملة التوعية ويستمر على عناده ومخالفاته، لن تنفع معه إلا الشدة.

جهود إدارات المرور والدوريات على مدار العام مقدرة، تستهدف أمن الطريق وتقليل أعداد الحوادث، والحد من الوفيات والإصابات والخسائر الاقتصادية، ويجب أن يقابلها التزام واع من جمهور السائقين، والاستجابة لكل متطلبات الحفاظ على شوارعنا لأقل فاجعة بالحوادث المرورية، وصولاً إلى تحقيق الأمل، الحلم، وهو ليس إعجازاً في بلد بات تحقيق ما يشبه المعجزات إنجازاً شبه يومي.

ebnaldeera@gmail.com