التقنية والتطور الاستهلاكي

07-01-2019

حنا ويليامز *

عانت شركات التكنولوجيا الكبرى خلال العام الماضي الكثير من المشكلات، وتسببت في العديد من الأزمات، حيث وجهت لشركات مثل أمازون وفيسبوك وأخواتهما الكثير من الاتهامات التي تضمنت احتكار البيانات ونشر الأخبار الزائفة، وقمع المنافسين، وهو ما دفع البعض إلى وصف هذه الشركات بأنها إمبراطوريات لا تستطيع حتى الدول التي تحتضنها وضع حدود واضحة لها، إضافة إلى المطالبات الكثيرة للحكومات باستخدام قوانين مكافحة الاحتكار ضد تلك الكيانات.

الولايات المتحدة انتهجت، منذ عدة عقود، آخر ما توصل إليه العالم في الاقتصاد والسياسة والقانون، بيد أن ما تقوم به الشركات من تحديد حر لأسعار ما تقدمه من منتجات وخدمات، بدأ في تقليص الدور المنوط بالحكومة في ذلك، ولوكان جزئياً، فهل استفادت تلك الكيانات من التطور التكنولوجي الكبير الذي أصبحت لا تجاريها فيه حتى الحكومات؟

تعد إمكانية تحكم تلك الشركات العملاقة في التوجهات المالية والاقتصادية للمجتمعات من المخاوف العديدة التي أثارها الناس حولها، وأنها أعادت وضع معايير جديدة تناسب توجهاتها التجارية التي تستفيد منها من جميع تلك الجوانب المذكورة، إلا أن فوائد تلك الخدمات والمنتجات لا تخفى على أحد، خصوصاً أنها حسنت من حياتنا وأدخلتنا بشكل أسرع إلى قلب التكنولوجيا الرقمية، ولا شك في أن الكثيرين يقدرون حقاً العديد من الخدمات التي وفرتها شركات مثل جوجل وأمازون وغيرهما.

إذا ما تعمقنا أكثر، ونظرنا إلى الأمر من زاوية رضا المستهلك عن تلك المنتجات، فإنها بالفعل أحدثت الأثر الأكبر في حياتنا، بغض النظر عن مساوئ تلك الشركات والاتهامات الموجهة لها، فالعديد من المنتجات والخدمات التي كانت سابقاً بمقابل مادي لا يكون في متناول الجميع، أصبحت اليوم مجانية بفضل تلك الشركات، رغم أن المقابل الفعلي لتلك المنتجات أصبح بعض الخصوصية واحتكار البيانات والمعلومات.

حتى ولو سلمنا جدلاً بأن أغراض تلك الشركات تجارية بحتة، وهي كذلك إلى حد كبير، فلابد أيضاً من الاهتمام بالأموال التي تنفقها في الأبحاث والدراسات التي تضمن استمرارية التطوير والابتكار، وبالتالي أسعار أقل بالنسبة للمستهلك، فقبل سنوات قليلة، كانت الأخبار التي يمكن أن يحصل عليها الشخص موجودة في الصحف والقنوات التلفزيونية فقط، أما اليوم، فالعكس تماماً، فلنفكر أيضاً في أسعار المنتجات المعروضة على موقع أمازون مثلاً، يمكنك اليوم شراء منتج ما، بما يقارب نصف السعر الذي يمكن أن تجده به في المتاجر التقليدية، وبالتالي فإن المستهلك هو المستفيد الأكبر من هذا التطور على المستوى الاستهلاكي.

* كمبيوتر وورلد