أيّ قرن في أيّ ألفيّة!

07-01-2019
عبداللطيف الزبيدي

كيف هي جردة الحساب عن الثماني عشرة سنة من القرن الحادي والعشرين؟ لا توحش النفس بماضي القرن العشرين، وتعال سل القوم: هل في الأرض عقلاء يفتتحون مئوية جديدة من ألفية جديدة، بهذه الاستعدادات الرديئة؟ في خمسة عشر عاماً، خمسة، ستة بلدان أو أكثر طارت سياسيّاً أو وقعت اقتصادياً. أمّا التنمية الشاملة، فالعرب يخزون العين بالقليل النادر.
الأنكى هو أن النظام العربيّ غائب عن الوجدان باللغة الكلثومية. لكن الشعوب هي المسؤولة، فهل تخلّت عن قواعد التوازن في اللعبة السياسية: «كلكم راعٍ»؟ صار العالم العربي مثل علب البيض، كل واحدة في حجرتها، ومتى «تكاتفت» تهشمت. «مستشاط» الأمن القومي جون بولتون، لم يأتِ بجديد، فما قاله كان ترامب قد قاله من قبل للسلطان العثماني أردوغان الأوّل: «كل سوريا لكم، نحن انتهينا»، لكن بيان «المستشاط» جاء بمثابة الشرح، الذي يلقي الضوء على النص، سوى أنه شرح لا يشرح صدور العرب لو كانوا يعلمون. الاتفاقية بين الرئيسين الأمريكي والتركي، كانت سريّة، بعض المعلن منها يعادل في تحطيم الروح قنبلة هيروشيما: «الأرض السورية التي تنسحب منها القوات الأمريكية، تسلمها يداً بيد إلى الأتراك. أمّا المساحات التي ينتزعها الأتراك من «داعش» وأخواتها، فعلى الأتراك إدارتها»، كما لو كانت في أنقرة أو إسطنبول أو إزمير.
القضية هنا مختلفة عن مشكلات المشاحنات السياسية، والحسابات السياسية قصيرة البصر، قاصرة البصيرة، إذا هي قصَرت نظرتها على الشؤون السياديّة الماديّة؛ لأن الجوانب المعنوية لها نتائج ماديّة أحياناً تخلق المعجزات إذا تحققت. الحميّة مثلاً، يبدو بدائياً من يطرحها اليوم، لكن تأمّل أثرها في شؤون الدفاع السياسيّة، في التعاون الاقتصادي، في التعاضد العلميّ وهلم جرّاً. ما هو تفسيرك وتبريرك للعلاقات الأمريكية -«الإسرائيلية»؟ رقيّ حضاري إنسانيّ؟ انظر الوسائل والغايات الخبيئة الخبيثة. كم أكلت وحوش المدنيّة من لحوم إخوانكم أحياء، ولم تروا أن ذلك أوّل «البوفيه»، وأن الدور على الأطباق التالية، مسألة وقت؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الإنتاجية: الزمن العربي غالباً مسلسل حلقاته أسطوانة تزداد شروخاً. فلسفة التاريخ تقول: للشروخ حدود.
abuzzabaed@gmail.com