إلزامية فحوص الوقاية

07-01-2019
إيمان عبدالله آل علي

تنفق دول العالم مليارات الدولارات لعلاج الأمراض غير السارية، وعلاجها أثقل كواهل ميزانيات وزارات الصحة في البلاد العربية، حيث أهدرت بين 40 و50 %، والأمم المتحدة وصفتها بأنها من أبرز التحديات التي تواجه اقتصادات هذه الدول، وفي الإمارات أغلبية ميزانية الصحة تخصص لها.
هذه الأمراض تشكل أعلى نسبة وفيات في العالم، وجميعنا معرّضون للإصابة بها، خاصة أنها غالباً ما يكون الإنسان المتسبب الأول فيها، بسبب نمط الحياة والسمنة والسلوكيات والممارسات الخطأ، فضلاً عن العوامل الوراثية والبيئة والأسباب الأخرى التي تُفرض على الإنسان ولا تكون بقرار منه، وتلك الأمراض تصيب الإنسان بصمت وتبقى معه لآخر عمره وقد تقتله.
بحسب الإحصاءات العالمية، فهي تقتل نحو 40 مليون شخص سنوياً، ومحلياً تتسبب في 65% من الوفيات، ومعظم الوفيات المبكرة كان يمكن تلافيها أو تأخيرها.
مسببات المرض، معظم الناس لا يهتمّون بها، وكُثر لا يدركون مدى خطورتها، وأغلبية تلك الأمراض، يمكن الوقاية منها بالتصدي لعوامل الخطر، عبر التركيز على الوقاية والفحص المبكر اللذين قد يغيران من واقعنا، ويسهمان في تقليل الإصابة، فالكشف المبكر للمرض يوفر أفضل فرصة لعلاج ناجع.
وضعت الدولة الخطة الوطنية للوقاية والتصدي للأمراض غير السارية 2017-2021، وأطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، مبادرة الفحص الدوري الشامل والكشف المبكر عن السرطان، وتلك الجهود غير كافية، لأن فئة كبيرة ما زالت لم تقبل على تلك الفحوص، في ظل عدم وجود الوعي المجتمعي بضرورة الكشف المبكر، فلماذا لا يُصدر قانون بإلزامية تلك الفحوص وربطها بتجديد البطاقة الصحية؟
كثير من الأطفال والشباب عاشوا حياة طبيعية، ليتحولوا فجأة إلى مصابين بأمراض مزمنة، كالسكري، نتيجة السمنة وممارسات اعتادوا عليها بشكل يومي، لتبدأ بعدها رحلة معاناتهم مع المستشفيات، وكل ذلك حدث بإرادتهم وقرارهم، متناسين أن لبدنهم عليهم حقاً.
المؤسف أن ثمة أشخاصاً مصابين بعدد من تلك الأمراض، كالسكري والضغط والسمنة والكوليسترول، ومع ذلك يصرون على النمط غير الصحي في الحياة، يائسين من تغيير حياتهم للأفضل بممارسات بسيطة، ومع الإهمال والمضاعفات المعقدة، تكون النتيجة حياة صعبة.
تشير الدراسات المحلية إلى أن الأمراض غير السارية السبب الرئيسي للوفاة بنسبة 65% من مجموع الوفيات، وأمراض القلب والأوعية الدموية 30%، أما السرطان ف 13%، وأمراض الجهاز التنفسي 3.0%، والسكري 3.0%، ونسبة كبيرة من البالغين (بين 30 و 70عاماً) معرضون للوفاة المبكرة، وتلك النسب مخيفة ولا بدّ من تقليلها بأساليب مطورة.
البرامج الوقائية ضرورية، وتوعية المجتمع بها مطلب رئيسي، فلا بدّ من تغير تلك الفكرة السائدة بأن الكلفة على الوقاية والفحوص الروتينية غير مجدية، وبها هدر للوقت والمال، وهذا التجاهل من أفراد المجتمع، يعد مسبباً رئيسياً في ارتفاع فاتورة العلاج والصرف على الأمراض غير السارية، ولتغيير تلك الممارسات والاعتقادات لا بدّ من فرض قوانين تلزم الأفراد بالاهتمام بصحتهم وحياتهم.

Eman.editor@hotmail.com