الحاجة للتسامح

07-01-2019

شيماء المرزوقي

قيمة التسامح ليست غريبة على الإنسان، فهي جزء أصيل داخله، لكن طبيعة الحياة وما يحدث فيها من صراعات وخلافات وسباق محموم نحو الماديات، قد يخفيان هذه القيمة وقد يلغيانها تماماً. وهنا تصبح المشكلة كبيرة، فمن خلال تراكم خبرات طويلة للبشرية أدركت أن البديل عن التسامح هو سوء الفهم والقتال والعراك، ويمكن لكل واحد منا أن يلاحظ هذا الجانب على المستوى الفردي، فعندما يحدث خلاف بين اثنين، ويستبدل التفاهم والحوار بالكراهية والابتعاد، فإن النتيجة نمو لسوء الفهم ثم تأخذ المشكلة في التعاظم. أما إن اختار الطرفان الجلوس والتحدث عما حدث بينهما فإنهما سيصلان لحل وتفاهم.

وقد يستغرب البعض من الزج بالحوار والتفاهم في موضوع التسامح، ولكن بقليل من التفكير والمعرفة والتمحيص والتدقيق، يمكن ملاحظة أن قيمة التسامح واسعة وشاملة، فلا يمكن أن يحدث التفاهم دون التسامح، ولا يمكن أن نجد الحوار دون مبدأ التسامح، فعندما يتم اختيار الحوار فهذا يدل على أنه تم تقديم واحدة من فضائل التسامح، ومن يرفض الحوار كمبدأ وطريقة لحل المشكلات هو في الحقيقة ابتعد عن أولى الخطوات نحو التسامح.

التسامح سلوك قويم يدل على التفهم وبعد النظر، ويمكن ملاحظة أن قيمة التسامح دوماً تنمو في المجتمعات الراقية الأكثر تعليماً والأكثر تقدماً والتي تزدهر عندها الحياة وتملك نظاماً قوياً من العدالة والرعاية الاجتماعية، والعكس تماماً في المجتمعات المتخلفة علمياً وحضارياً حيث تجد القسوة والعنف يهيمنان على مفاصل المجتمع.

غني عن القول إن التسامح يعتبر واحداً من أهم مقومات الحياة السليمة، فكما نحتاج للطعام والماء والهواء والأمن، فإننا نحتاج أيضاً للتسامح، فهو من أهم القيم البشرية نحو حياة مفعمة بالسلام والهدوء والمحبة ولعله واحداً من أهم أسباب الأمن، لأنه يعمل على نبذ الكراهية واستبدال الحلول بالخلافات، ويلغي الحروب بالتفاهمات ويقضي على الصراعات بالتقبل وفهم الآخر.

ويمكن الملاحظة وبسهولة أن في المجتمعات التي تنمو فيها قيم المحبة والألفة وتقبل الآخر ونبذ الكراهية والعنصرية، تكون الكلمة العليا دوماً للتسامح، ومن يمارس سلوكاً مختلفاً يكون بمثابة خارج عن إطار المجتمع وقيمه ويرفض سلوكه ويجرم.

لقد جرب الإنسان الحرب والخلاف، ومضت قرون طويلة كانت الكلمة العليا فيها دوماً لسفك الدماء، ودون شك في أننا في هذا العصر محظوظون تماماً، لأن الإمارات تؤسس لنهج بشري جديد يقوم على تقديم مبادئ التسامح وتقبل الآخر ونبذ الكراهية.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com