آه لو عاد الربيع

06-01-2019
عبداللطيف الزبيدي

لو لم يكن الدّاعي هو الخوف على بلدان العرب، ما الذي يدفع الإعلاميين إلى لوك اللماذات والليتات واللوّات تحذيراً للسودان؟ منذ عقود آمنّا بأن وصفات الوعي غير ناجعة، بالرغم من أنها من المكرور المملّ. وصفة المنزلق هي هي: تظاهرات سلمية،عفوية أحياناً، تطالب بأشياء بسيطة، «تُطرح فيها البركة» تربو العجينة بخميرة الإعلام العالمي. يدعو النظام بالويل والثبور، مع خطين متوازيين: رفع الأجور، أو ما يشابهه، واتهام المتظاهرين باندساس خزنة مرتزقة في صفوفهم. عندئذ تنطلق معزوفة «ارحل». ماكرون لم يسلم، يا أولي الألباب.
هنا ترقص اللعبة على أنغام «أيّامي بتحلوّ». منذ القديم كان الصيد في الماء العكر استراتيجية فذّة. يغدو رفع شعار نظرية المؤامرة حماقة في نظر الكثيرين، وليسوا على باطل تماماً، كما يصبح رفضها جملة وتفصيلاً حماقة أيضاً. هل جاء دمار العراق وسوريا وليبيا، نتيجة ثورات شعبية أصيلة؟ إذا أقنعنا هذا المنطق الأخرق، فإن شعوبنا أقسمت لتسوينّ أوطانها بالأرض خدمة لأحلام «إسرائيل» وأرباب الأساطيل، أم نحن المساطيل؟ هل يدري الباب السوداني العالي، ماذا يعني ربيع خِربيّ على مليوني كم/مربع؟ القوة التي تأبى أن تكون في خشابك رصاصة، مستعدة لإمداد المعارضة المسلحة «المعتدلة» بالدبابات والمدافع والصواريخ وناقلات الجنود، وإيجاد التنويع الثقافي في الخراب من كل الملل والنحل، تطبيقا لمبدأ أن الإنسانية أسرة واحدة،عدا الدولة اليهودية،فالنقاء عندهم دستور وعقيدة. أمّا شرعة الأمم التي تسمح بمقاومة العدوان، وتحرم الفلسطينيين منها، لأن «إسرائيل» هي الوحيدة التي من حق الجبابرة أن يجعلوا لها بلدان العرب طحيناً.
العودة سريعاً إلى موضوع السودان فرضته الأحداث، وإلاّ فمن السذاجة القاتلة توهم توبة الذئب الربيعيّ. حين تقول ولىّ تراه وراءك. لا تصدّق أن العقل العربي يجيد قراءة الخرائط: انظر الهبرة الجغرافية الاقتصادية التنموية السائبة «على باب الله» كتلة أقيانوسيّة واحدة: السودان، مصر، ليبيا والجزائر، للتدوير ستة ملايين كم/مربع. اللعاب يسيل، وعبرات التماسيح مدرارة. وإذا تمادى العرب في غيّ سباتهم، «لترونّ الجحيم».
لزوم ما يلزم: النتيجة الانخداعية: وهم عدم القناعة بما دون النجوم، جعل العرب لا يعرفون قدر أوطانهم.

abuzzabaed@gmail.com