ذوقيات الحياة

06-01-2019
مريم البلوشي
في مجتمع فيه القيم والتلاحم شيء يحترمُ، والإحساس بمشاعر الآخرين قيمة كبيرة تربى عليها الجيل الأول من أجدادنا وأمهاتنا. أن نحس بأفراح من حولنا وأحزانهم قبلها. أن نكون كالجسد الواحد، وألّا يفترق الجار عن جاره إلا وقد أحس به وكان له السند المرتقب.
في مجتمع دولة الإمارات، ومنذ التأسيس ونحن نعيش على نهج التعاضد والتآلف، الحب والوفاء، أن المجتمع بأسره قطعة واحدة، لا يتخلى فينا أحد عن صديق أو أخ، وحتى العدو له رحمة في القلوب متى ما وجب ذلك، وكانت الفرصة مواتية بما لا يضرنا.
اليوم، نتعجب من ذوقيات مغيبة، وتفاصيل لها من التأثير الكثير، يقلقني كثيراً ما أسمع وما يحدث ويجري في بعض المناسبات، والتي هي صورة للتعاضد والتآلف والاحترام. وجدت أنني أسمع الحكايات تتكرر، ولربما -لن أنكر- نعيشها نحن أيضاً. ذوقيات الوفاة، وكيف أنها انقلبت من تجمّعٍ فيه المواساة والتخفيف عن أهل الميت، لتجمّعٍ فيه القيل والقال، فيه البهرجة والتباهي بالضيافة، وما جعلني اليوم أنكر على نفسي ألّا أكتب، ما سمعته من حولي، أن التزين أصبح صفة لبعض أهل الميت، وحتى من يزورهم، قد لا تكون ظاهرة منتشرة، ولكن أن تبدأ في مكان مرة، وتصبح صفة يراها الزائر ولا يستنكرها، فإننا نؤكد على موافقتنا لها، وهذا شيء عجيب. نعمْ، الحزن له آداب وصفة، ولا يجوز التهويل وإنكار قضاء الله وقدره، لكن هل أصبحت هذه مشاغلها؟ التزين والمبالغة بالضيافة وإرهاق من لا طاقة له.
هل أستطيع أن أقبل، وأنا في حزن على قريب لقلبي، أن من يعزيني ويجلس جنبي في شغل شاغل بوسائل التواصل الاجتماعي دون مراعاة، وما يزيد العجب أنه وبجنبك ربما منشغل بلعبة ما أو يتابع بعض الأخبار، و يزعجك بما فيها من صوت الموسيقى والصخب، في وقت أنت تحتاج فيه لمن يخفف عنك. حين تلتفت لهذه الظواهر تتساءل: أين رحلت الذوقيات؟ وهل ننتظر أكثر حتى تزيد هذه الدخائل؟. نحن مجتمع جميل بما نقوم به في كل شيء، فلابد أن ننتبه ونتجنب مثل هذه الأشياء في البدايات، وأن نربي الأجيال الجديدة على قيم وذوقيات تستمر مع نهج الآباء الجميل. فالإنسان يعيش مع أخيه، وله يكون نبعاً من الوفاء فيما يقدم.
mar_alblooshi@hotmail.com