نريد طرقنا آمنةً

06-01-2019

ابن الديرة

بأسف وألم، نطالع يومياً، أو أسبوعياً، في الأقل، أخباراً مزعجة ومحزنة عن حوادث سير على طرقات الإمارات، أخفّها تكون نتيجتها إصابات متوسّطة أو خفيفة، ومنها ما يودي بشباب في مقتبل أعمارهم، ويتركون في نفوس الجميع، وبخاصّة الأهل والأقارب، حُرَقاً وأوجاعاً وجروحاً في النفس عميقة الندوب، تحتاج إلى زمن طويل، حتى تندمل وتبرأ.

قليل من هذه الحوادث، سببه القدر، أو المصادفة المربكة، أو المباغتة غير المحسوبة، لكنّ كثيراً جداً منها، سببه الإهمال والطيش والتهوّر، ومخالفة أبسط قواعد السير والمرور.

الجهات المعنية من شرطة سير ومرور، وهيئات للطرق والمواصلات، وبلديات، في إمارات الدولة كلّها، تعمل بلا انقطاع، ودون أي كلل، أو تذمّر أو تأفّف، لتكون الطرق آمنةً سهلة الولوج والعبور، فالطرق مخططة بوضوح، والمسارات في أغلب الشوارع، عريضة وكافية، والإشارات تعمل بانتظام ودقة وتوازن، واللافتات الدالّة على الأماكن، مكتوبة بخط عريض وواضح وبلغتين، والسرعات مبيّنة وموزّعة على الطرقات بمنتهى المرونة، ومراعاة الأماكن، وحساسية بعضها، وأماكن الوقوف الطارئ متوافرة، وممرّات المشاة رحبة وآمنة، وأوقات عبور الشاحنات، ومساراتها محددة ومنتظمة. فضلاً عن ذلك كلّه فإن القوانين الناظمة للسير والمرور، ومن الجهات المعنية كافّة، مع صرامتها وحزمها، فإن فيها كمّاً كبيراً من التسامح، ومراعاة الحالات الطارئة والاستثنائية، ومنح الفرص والتغاضي عن الهفوات غير الخطرة.

والتساؤل الكبير والمهم الذي ينبري تلقائياً وعفوياً، لمَ يعمد كثير من الشباب إلى ارتكاب المخالفات؟ لمَ يسير بعضهم بمركبته يتلوّى كأنه أفعى يريد أن يتجاوز كل من أمامه أو إلى جانبه، دون أدنى شعور بالمسؤولية، أو خوف من وقوع حادثة كارثية؟ لمَ لا يلتزم بالسرعة المحددة على الطريق، رغم أن هامش السرعة موجود في إمارات الدولة، عدا أبوظبي، التي نظّمت هذا الأمر، بشكل حضاريّ؟ لمَ لا يفكّر بأنّ هذه التجاوزات، لن تسرّع وصوله إلى مقصده، بأكثر من عشر دقائق؟

أحدهم، منذ بضعة أيام، على أحد الجسور في إمارة دبي، الذي حدّدت السرعة عليه ب«60» كلم في الساعة، لأن طبيعته وانعطافاته، لا تتحمّلان أكثر من هذا الرقم، كان يركب إحدى السيارات السريعة الأداء، وصعد ذلك الجسر، بسرعة قدّرتها بين 150 و 180 كلم، أي ضعف ونصف الضعف للسرعة المحددة، ماذا يمكن وصف مثل هذا السلوك؟ إنّه مجموعة من الصفات السلبية جداً، تضمّ الطيش والتهوّر وعدم المبالاة والضرب بالقوانين والأنظمة عرض الحائط، وهو كذلك نوع من الجريمة؛ لأنّ هذه السرعة، معدّل وقوع حادث خطر ومميت نتيجتها يصل إلى ثمانين في المئة.

شبابنا أنتم بناة مستقبلنا، والمعوّل على عقولكم وسواعدكم، رسمُ الغد الأكثر زهوّاً ورخاء وسعادة، فلا تضيّعوا ذلك كلّه بلحظة تهوّر.

في المقابل، ثمّة رجل، تجاوز الخامسة والسبعين، وهو يقود سيارة، منذ أكثر من خمسين عاماً، لم يرتكب مخالفة واحدة في حياته..له كل الاحترام، وليكن قدوة لشبابنا.

ebnaldeera@gmail.com