مبادئ الحكم الرشيد

06-01-2019
جمال الدويري

بعمق القائد المجرّب الذي خبر الحياة بكل تفاصيلها، وفهم الحكم ودقائقه، وحيثياته، وعرف الناس واحتياجاتهم ومتطلّباتهم، يفتح صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أعيننا وقلوبنا، على مضمون عميق المعنى واضح المبنى، عبر رسالة وجّهها إلى المسؤولين جميعاً دون استثناء في دبي.
خمسون عاماً قضاها القائد الاستثنائي، في منصّات الحكم، بمسؤوليات مختلفة، تدرّجت في أهمّيتها وشمولها، إلى أن تسنّم سموّه عام 2006، سدّة القيادة الثانية في البلاد، فمارس مهامه، ببصيرة ثاقبة ورؤية نافذة، وعزم لا يلين، وعطاء لا ينضب.
الرسالة تنص على مبادئ ثمانية، لحكم وحكومة وأسس قامت عليها دبي، ومضى عليها الحكم سابقاً، وهي وإن كانت دعوة لمسؤولي دبي للعمل بها مهما كانت الظروف، أو تبدلت الأحوال، أو تغيرت الوجوه، فهي أيضاً خلطة نجاح لمن أراد أن يقدم بلداً مزدهراً وشعباً سعيداً.
كان المبدأ الأول ، الاتحاد هو الأساس، فدبي جزء لا يتجزّأ من دولة تضم إماراتٍ سبعاً تربطها وشائج القربى والمصلحة الواحدة، وهي في كنف الاتحاد وحِماه. والثاني: لا أحد فوق القانون، مهما يكن انتماؤه، ولا فرق بين مواطن ومقيم، ولا يستثنى حتى أبناء الأسرة الحاكمة، فالعدالة خيمة فوق الجميع بالسوية نفسها.
أما الثالث، فركّز على أن دبي عاصمة للاقتصاد، فغايتها وهدفها، تحسين حياة الناس ولا تدخل في السياسة ولا تستثمر فيها. ولا تعوّل عليها لضمان تفوّقها. والرابع، أن الصدق والمرونة والتميّز، هي محرّكات النموّ. ويأتي الخامس بأن العمل هو ما يميّز مجتمعنا، ولا مجال للجدل، والانضباط والتواضع أسّه ومدماكه، وهذا ما يمنحه شخصية متفردة. أما السادس، فإن دبي، لا تعتمد على مصدر واحد للحياة، وتنويع الاقتصاد، دستور غير مكتوب فيها منذ عام 1833.
ويأتي المبدأ السابع ، بأن دبي قامت على الموهوبين من التجار والمهندسين والإداريين والمبدعين والحالمين، فهي أرض للمواهب، واستمرار تنافسيتها مرهون باستمرار استقطابها للمفكّرين.
وطبيعي أن يختتم المبادئَ «الثامن» التفكيرُ في الأجيال، فلا يُترك مصيرهم رهناً لتقلّبات السياسة والاقتصاد، بل «نستثمر فيهم، ونخلق لهم أصولاً استثمارية»، والقاعدة امتلاك أصول تعادل عشرين ضعف ميزانية دبي السنوية.
رسالة تحمل مبادئ للحياة، وتسمو أكثر ما تسمو في مبدئها الثاني، بأن «لا أحد فوق القانون»، وأن: «العدل دولة وقوة وعزة وضمان استقرار وازدهار، وأن التأخر في العدالة ظلم، وستبقى الأسرة الحاكمة بريئة من كل ظالم ما بقيت تحكم دبي».
مبادئ ثمانية تنير بوضوح طريقاً لجميع المسؤولين في دبي، لأن يسيروا على هديه، لا يعوقهم عائق ولا يقف فيه معرقل، وتعطي دليلاً بيّناً على أن الحكم مسؤولية كبيرة، أساسها وجذرها الصدق والعدل.
jamal@daralkhaleej.ae