صدام سياسي في تونس

06-01-2019
صادق ناشر

لم يهدأ الصراع السياسي المحتدم بين القوى الفاعلة في الساحة التونسية، لكن أبرز تجلياتها تظهر في الخلاف الدائر في أوساط حزب «نداء تونس»، عبرت عنه التصريحات المتبادلة بين الرئيس الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، تحول معها الصراع من شخصي إلى مؤسسي، فالأول يمثل المؤسسة الرئاسية، والثاني يمثل الحكومة، الأمر الذي أدخل البلاد في أتون أزمة سياسية عميقة، خاصة أن الخلاف تحول من صامت إلى علني.
وقد جاءت أزمة التعديل الأخير الذي أجراه الشاهد على حكومته من دون رضا السبسي، أو التشاور معه، لتزيد من حدة الخلاف بين الجانبين، يضاف إلى الصراع بين الشاهد وحافظ السبسي، نجل الرئيس، بشأن إدارة حزب «نداء تونس»، حيث انحاز الرئيس إلى نجله، فيما حصل الشاهد على نسبة ليست هينة من الداعمين لتوجهاته وصراعه الطويل مع خصومه، وبالتالي ظهر الحزب منقسماً ومفككاً، ما يهدد حظوظه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري.
يؤكد الشاهد أن نجل السبسي «دمّر حزب نداء تونس، ويريد العبث بالدولة، لكنه لن يسمح له بهذا العبث»، في إشارة إلى عمق الخلاف بينه وبين خصومه، خاصة أن الأمور تطورت إثر تدخل قيادات في الحزب طالبت الشاهد بالاستقالة من رئاسة الحكومة بسبب «الوضع الاقتصادي السيئ الذي تمر به البلاد»، وما تسميه القيادات الموالية للسبسي «أجواء الانقلاب على الشرعية والمؤسسات، وحالة اليأس التي بُثّت في قلوب التونسيين».
ويتهم قادة في «نداء تونس»، الشاهد بالتحالف مع حركة النهضة، التي يقودها راشد الغنوشي، ما يتيح له قدرة على الحركة، لدرجة الاستعداد للإعلان عن تشكيل حزب سياسي جديد يتكون بالأساس من المنشقين عن حزب الرئيس، مسنوداً بقاعدة برلمانية تتمثل في كتلة الائتلاف الوطني التي تم تشكيلها مؤخراً، حيث شكل وقوف البرلمان إلى جانب الشاهد في معركة التعديل الحكومي قبل أشهر قليلة، مؤشراً على نفوذ متزايد للشاهد في مواجهة خصومه في مؤسسة الرئاسة.
وفي هذا السياق، يمكن فهم دفاع الشاهد عن تحالفه مع حركة النهضة، التي قال إنه وجدها في الحكم قبل وصوله إلى رئاسة الحكومة، وأن على من يريد استبعادها من السلطة، أن ينتصر عليها في الانتخابات، وفق تعبيره.
الانقسام وغياب الوحدة السياسية، ملمحان بارزان في تونس اليوم، وهو مشهد لم يعد ينكره أحد، بمن فيهم الرئيس السبسي نفسه، الذي أشار مؤخراً إلى أن البلاد تعيش أزمة أثرت على حياتها السياسية والاقتصادية، ومنح «النهضة» مساحة لاستعادة ما خسرته في الانتخابات الأخيرة، ما دفع بالحركة إلى إنهاء علاقتها بحزب «نداء تونس» في خطوة على ما يبدو توجهاً لإعادة تموضع التحالفات السياسية من جديد في بلد لا يزال يواجه الكثير من التحديات على الصعد كافة، بخاصة السياسية والاقتصادية والأمنية.

Sadeqnasher8@gmail.com