الرحلة المكسيكية

16-12-2018

المكسيك بلاد كبيرة، ودولة عظيمة، وتأتي ضمن أكبر اقتصاديات العالم.. مشكلتها الوحيدة أنها تجاور بلاد العم سام، الأمر الذي يجعل من كل ما تفعله وتقدمه يبدو متواضعاً أمام العملاق الأميركي.. تستقبل سنوياً أكثر من عشرين مليون سائح، وتتضمن الكثير من آثار حضارتي المايا والأزتيك وبلدات قديمة أسسها الغزاة الأسبان.. دخلتُها مع ابني حسام في السادس من سبتمبر 2018، وكان مقرراً أن نقضي فيها اثني عشر يوماً؛ غير أن احـتجازنا في بـنما، ومصادرة الأموال التي معنا، تسبب باختصارها لستة أيام فقط.. ولهذا السبب ألغيتُ زيارتي لبعض المدن والمواقع السياحية، ولكنني لم أساوم في أمرين كنت أضعهما في قائمة زيارتي للمكسيك؛ الأول: زيارة الأهرامات المدرجة، والثاني: السكن وسط المدينة القديمة (المكسيكو سيتي) الذي يعرف اختصاراً بالسنترو Centro..

والحقيقة أن زيارة العاصمة المكسيكية يعــد بحد ذاته زيارة لدولة يتجاوز سكانها 22 مليون نسمة.. وهي بهذا العدد تأتي في المركز الأول كأكبر مدينة في العالم الغربي، وضمن أكبر خمس مدن في العالم (وأكبر مدينة تتحدث الإسبانية وتدين بالمسيحية فوق الكرة الأرضية).. قد تعيش فيها لسنوات دون أن ترى كل شيء وتكتب فيها عدة مقالات دون أن تغطي كل شيء.. غير أن مركز المدينة يعـد الموقع السياحي الأبرز، ولا يجب على أي سائح تفويت زيارته أو السكن فيه (كما فعلنا نحن).. صحيح أن المباني الموجودة فيه لا تعود لحضارة الأزتيك، ولكنها بنيت في موقع المدينة الأصلي الذي أسسه هنود الأزتيك في العـام 1325.. يترامى حول ساحة زوكالو Zócalo التي تعد الأكبر والأجمل في أميركا اللاتينية.. الشوارع التي تتفرع منها تمتلئ بالمطاعم والمقاهي ومحلات التسوق، ويمكنك أن تمشي فيها لأيام دون ملل.. تمتلئ بالبشر والسياح والباعة الجائلين، وتحيط بها المتاحف والقصور والمقار التاريخية التي تشكل روح المكسيك وفخرها الوطني (فيما يدخل السنترو بأكمله ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو)..

لم أندم فعلاً على السكن في تلك المنطقة رغم ندرة وتواضع الفنادق فيها.. كانت هـواية ابني حسام هي البحث (في غوغل) عن أفضل المقاهي؛ الأمر الذي أتاح لنا اكتشاف مقـاهٍ تاريخية وارستقراطية مميزة أنقذتنا من إفطار "الهوستيل" الذي سكنا فيه.

من المؤسف فعلاً أن ينتهي المقال قبل أن أخبركم عن أهرامات تيوتيهواكان المدرّجة.