تتويج جهود التسامح

تعمل الإمارات منذ سنوات على بناء وتشييد الإطار المؤسسي للتسامح، حيث قامت في عام 2012 بإنشاء مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف الذي عرف اختصاراً باسم «هداية»، وفي عام 2014 أعلنت عن تأسيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وفي العام نفسه تم إنشاء مجلس حكماء المسلمين كهيئة دولية مستقلة لتعزيز قيم التسامح، وفي العام 2015 أطلقت مركز صواب لدعم جهود التحالف الدولي في مواجهة التطرف، وفي العام 2016 أنشأت وزارة للتسامح، وفي العام نفسه تم اعتماد البرنامج الوطني للتسامح، وفي عام 2017 أطلقت المعهد الدولي للتسامح، وتم في عام 2018 تدشين المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة.
بعد أن تم وضع اللبنات الرئيسية وتشييد منظومة العمل المؤسسي في ظل قيم التسامح وباتت هناك مؤسسات وهيئات ووزارة تعمل وفق هذه القيمة الإنسانية النبيلة، جاء إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، 2019 «عاماً للتسامح». ودون شك أن هذا الإعلان يتوج كل تلك الجهود نحو جعل التسامح جزءاً من منظومة العمل المؤسسي والرسمي والشعبي في الإمارات، وهو في اللحظة نفسها يبعث برسالة للعالم بأسره أن قيمة التسامح الإماراتية فرصة مواتية لتعزيزها والعمل بموجبها في منطقة ملتهبة محملة بالصراعات الأزلية والحديثة، وهي منطقة متوترة بحاجة لدعم كل جهد وعمل يهدف لنشر مبادئ وفضائل التسامح.
المطلعون والدارسون يدركون أن الإمارات، منذ أولى خطوات تأسيسها، قامت على المحبة وفضائل التسامح ورأت النور بالتفاهم والحوار والألفة، لذا هي خير من يشرّع المبادئ القويمة وأيضاً خير نموذج يمكن الاحتذاء به في هذا المجال لأنها نجحت في سن التشريعات والقوانين وبناء المؤسسات التي ترفد وتدعم توجهها نحو فضيلة التسامح، وهي اليوم بإعلان عام التسامح، تحولها إلى قيمة اجتماعية يتعايش المجتمع معها عاماً كاملاً، خلاله تدور نقاشات وحوارات وتكتب المقالات وتؤلف الكتب. خلال هذا العام يتحول التسامح إلى قيمة مشاعة هي موضوع الجميع الرئيسي، ومعها يمارس الجميع هذه القيمة على أرض الواقع قولاً وعملاً.
أن نعيش لمدة عام كامل تحت عنوان رئيسي بمثل هذه القيمة السامية، فإننا نعزز قيم الآباء والأجداد، وما عاشوا في ظله طوال عقود من الزمن من تقبل الآخرين، وكأننا نأخذ هذه القيمة النبيلة نحو التطبيق العملي لأبنائنا وهم يتواصلون مع العالم بأسره ويتفاعلون معه ويقدمون المنجزات والمبتكرات.