لا بارك الله فيه ولا في صندوقه الانتخابي قراءة بين السطور

16-12-2018

سعود السمكة

مشروع التقاعد المبكر يذكرني بذلك المشروع سيئ الذكر الذي استنزف من الدولة مليارات الدنانير، لا لشيء، فقط لرغبة نائب متخلف وأناني يفضل مصلحته الانتخابية على الدولة، ويضحك على الناخب الغبي، حيث يفرح لإنجاح هذا المشروع الذي سينعكس حكما سلبا عليه وعلى ابنائه في المستقبل، ألا وهو مشروع إسقاط القروض.
الآن مقترح مشروع التقاعد المبكر لاشك هو توأم لمشروع إسقاط القروض، بدأ بنكته، ثم حلم، ثم تحقق، والمشروعان تم تبنيهما من قبل نائبين ربما يفهمان في كل شيء الا المسائل الحسابية والعلوم الاكتوارية، لأن مثل هذه المسائل لاتعنيهما بقدر ما يعنيهما ارضاء نفسيهما اللتين تعانيان من تضخم الذاتية، ولهذه الغاية حتى تتحقق لايهمها البلد ولا أجياله الحاضرة والمقبلة أو أن يعجز عن الايفاء بالتزاماته أويضطر للاقتراض، أو أن يفلس، فمثل هذه النوعية من النواب تعمى عيونهم وتموت ضمائرهم عن مصلحة البلد، وتتفتح هذه العيون وتصحو تلك الضمائر على مضرة الكويت، لأجل تحقيق مكاسب ذاتية رخيصة معهم.
إن مثل هذه النوعية من النواب التي ابتليت بهم الكويت سوف يستمرون في استنزافها لأنهم لم يتربوا على المسؤولية الوطنية ازاء وطنهم، ولايعرفون معاني الولاء له، فكل همهم أن يحققوا مصالحهم، أما أن يصاب البلد بعجز أو إفلاس، ويضطر للاقتراض ويتضرر الناس، فمثل هذه الامور ليست بوارد حساباتهم، وليست لها مكان في أحاسيسهم، أو بالأحرى لا إحساس لديهم تجاه البلد، فهؤلاء هم العدو فاحذرهم، نعم من يدغدغ مشاعر العامة، ويضحك عليهم فيصور نفسه على أنه المنقذ لهم حين يسقط عنهم القروض، أو يعمل على نظام تقاعدي مبكر، وهو يعلم في قرارة نفسه أن ما يقوم به ليس لأجل من طالب لهم، ولا لأجل مصلحة البلد، وإنما قام بذلك لتعزيز مكانته الانتخابية، ويعلم تماما ان ما يدفع به ليتحقق، انما هو شر على البلد، وعلى من صور لهم أنه يسعى لمصلحتهم، فهو عدو لهم وللبلد، وبالتالي فإن الأمر يستدعي من لديه ضمير من النواب أن يقف بكل قوة ضد مثل هذه المشاريع العدوانية بآثارها المدمرة على البلد وعلى الناس.
إن جميع أهل الاختصاص وجميع الفنيين في مثل هذه الأمور يحذرون بحرقة من مثل هذه المشاريع الاجرامية بحق البلد «راجع ماكتبه النائب السابق الأخ الفاضل مشاري العنجري في صحيفة «القبس» تاريخ 16 ديسمبر 2018 «ص7»، حيث فند بالتفصيل الجوانب الكارثية في باطن المشروع الذي يسوق له مؤيدوه، بأنه رحمة، وفي نفس الصفحة يضع الخبراء والمتخصصون آراءهم العلمية والفنية وخبراتهم الادارية يفندون من خلالها ما سينعكس على البلد من خسائر مالية فلكية سيدفعها حتما إما إلى الاستدانة أو استنزاف ما تبقى من الاحتياطي العام للدولة، أو الالتفات الى مدخرات الاجيال، فهل يعقل أن ندفع بالبلد الى مثل هذه الهزة الزلزالية الحتمية مستقبلا لإرضاء خاطر هذا، لأجل أن يزداد رصيده الانتخابي؟ ألا لابارك الله فيه ولا في صندوقه الانتخابي، ولا في مجلس الأمة برمته إذا ما أصبح وجوده سببا لدفع البلد إلى صخرة الإفلاس.