قصة قلم الرصاص

16-12-2018

يقول ليونيرد رييد على لسان قلم رصاص: كما يصعب على أحدكم تتبع شجرة العائلة إلى منتهاها، فإنه من المستحيل علي أن أسمي أسلافي أو أشرح لكم أصولي. لكنني سأطرح عليكم ما يكفي لتعجبوا بما لتاريخي من غنى وتعقيد. شجرة العائلة في حقيقة الأمر شجرة أرز تنبت في شمال كاليفورنيا وأوريغون. فكر في كل الفؤوس والحاملات والحبال التي لا تحصى والمعدات الأخرى التي تستخدم في حصد الأشجار ونقلها إلى جانب سكة الحديد. فكر في مئات الأفراد وما لا يعد من المهارات التي وظفت في الصناعة: في استخراج المواد الخام، في تعدين الحديد الصلب، وفي تطويعه فأساً أو موطوراً؛ في زراعة القنب ومعالجته ليصبح خيوطاً تصنع منها الحبال الدقيقة والسميكة؛ في مخيمات العاملين وطعامهم، في آلاف الأشخاص الذين كانت لهم يد في كل كوب قهوة شربه الحطابون.

يستمر رييد في وصف حركة جذوع الأشجار منتقلة من منشئها بالقطار والحافلات الكبيرة إلى معمل الأخشاب. جذوع خشب الأرز الطويلة تقطع إلى أخشاب صغيرة بطول قلم المرسم وسمك أقل من ربع بوصة. تدخل الأعواد الصغيرة في أفران ثم تلون بعد ذلك بلون لامع. فكما تهتم الفتيات بنضارتهن، يحب الناس رؤيتي جميلاً، فلا يرون لوني الأبيض الشاحب. كم من المهارة والمعرفة، يقول رييد على لسان القلم، دخلت في صناعة الأفران والأصباغ، كم من الجهد بذل في توليد الطاقة، الحرارة، الإنارة، المحركات، وباقي الأشياء الأخرى التي يتطلبها المصنع.

ينتقل رييد إلى وصف الرصاص: هو ليس رصاصاً في الحقيقة، فالأمر معقد. القرافيت يستخرج من سيرلانكا، وينقل إلى معمل في ميسيسبي حيث يمزج بالطين ثم يعالج بمادة الأمونيوم هيدروكسايد، ثم يعالج كيميائياً حتى يدخل فرناً بحرارة ألف درجة مئوية. بعد اكتمال المعالجة يضاف إلى خشب الأرز ست طبقات من الورنيش. بعد أن تنتهي معالجة الأعواد تنصب أغطية معدنية من النحاس والزنك. فكر في العاملين في مناجم الزنك والنحاس والذين يسكون المعدن في شرائح دقيقة مطلية بحلقات من النيكل. ما النيكل وكيف يركب؟ تلك قصة لا تكفيها عشرات الصفحات. يكمل رييد الحديث عن الممحاة، تويج المجد كما يقول. ومثلما سبق، الممحاة تأتي من بلد بعيد في شرق آسيا، إندونيسيا على وجه التحديد، من مادة مطاطية مكونة من زيت اللفت المعالج بكلوريد الكبريت.

تساءل رييد في أول مقاله هل نعرف على وجه الدقة كيف يصنع قلم الرصاص؟ وعلى لسان قلم الرصاص: هل تعرفون كيف جئت؟ يبدو لنا جميعاً أن قلم الرصاص الذي لا يكلف شيئاً في الظاهر بسيط، إلا أن صناعته ليست كذلك. ماذا عن العالم الذي نعيشه اليوم، ألا يبدو لنا لأول وهلة مثل قلم الرصاص أحياناً؟