سلام اليمن

16-12-2018
صادق ناشر

هل حان وقت السلام في اليمن؟
السؤال الأكثر تداولاً اليوم في اليمن وخارجه، بعد الأنباء التي بدت إيجابية إثر المشاورات في السويد بين طرفي الشرعية وجماعة الحوثي، والتي استمرت أسبوعاً، وحشدت لها الأمم المتحدة بشكل أكبر من الجولات السابقة التي عقدت في جنيف والكويت، وبدا مبعوثها إلى اليمن مارتن جريفيث مصمماً على إنجاز اتفاق بعد خيبة أمل أصيب بها بسبب فشل الجولة قبل الأخيرة في جنيف خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بسبب تأخر وصول وفد الحوثيين.
السؤال يبدو منطقياً نظراً للملفات التي تم التوافق عليها في المشاورات، وللأجواء التي أشاعتها اللقاءات بين الجانبين بتدخل مباشر من المبعوث الأممي ووزيرة خارجية السويد، إضافة إلى دول كبرى، من أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا، فضلاً عن الدور الإيجابي لدول التحالف العربي، وكان لحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس في الجلسة الختامية، أثر كبير في النتائج المعلنة.
لا شك في أن مسار السلام في اليمن سيكون طويلاً ولن يتحقق بسهولة؛ فالتجارب السابقة تعطينا مؤشراً على إخفاق الكثير من الاتفاقات، التي أفشلتها التفسيرات للملاحق الخاصة بها، وكما يقال فإن «الشيطان يكمن في التفاصيل»، فإن تفسير ما تم التوصل إليه ربما يعرقل تطبيقها، وقد يضربها في مقتل، وما يعزز ذلك أن الطرفين لم يوقعا بشكل مكتوب على ما تم التوصل إليه، غير أن التفاؤل هذه المرة يكمن في أن الأمم المتحدة دخلت طرفاً فاعلاً فيما تعهد به الجانبان، ولأول مرة في تاريخ الصراعات اليمنية يتدخل مجلس الأمن الدولي للتصديق على ما تم الاتفاق عليه بين الخصوم، ما يعني أن المجلس وضع الأطراف كافة تحت المجهر، وقد سارعت الأمم المتحدة بإرسال قائد عسكري كبير ليتولى عملية مراقبة تنفيذ ما تم الالتزام به، خاصة ما يتعلق بوقف إطلاق النار في الحديدة، التي يبدو أنها ستكون النموذج الذي يمكن أن تبنى عليه الحلول فيما تبقى من جبهات القتال في البلاد.
على مستوى اليمن فالاتفاقات بين أطراف الصراع ليست جديدة، إذ سرعان ما يتم نقضها قبل أن يجف حبر التوقيع على أوراقها، ولنا في اتفاق السلم والشراكة، الذي تم التوصل إليه عشية دخول جماعة الحوثي العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول من 2014، أسوة في ذلك. فالحوثيون أداروا ظهورهم لبنوده، وعوضاً عن انسحابهم من العاصمة وخروج ميليشياتهم منها، أقدموا على الانقلاب ضد الشرعية، قبل أن يهرولوا إلى الجنوب لاحتلال المناطق التي لم تكن خاضعة لنفوذهم، وهي المغامرة غير المحسوبة التي قادت البلاد إلى أنهار من الدماء سالت في كل مكان.
ويبقى السؤال مشروعاً: هل حان وقت السلام في اليمن؟ الإجابة تبقى في أيدي أطراف الصراع التي بإمكانها أن تجنب اليمن مزيداً من الخراب أو إبقائه في دوامة الموت الدائم.
Sadeqnasher8@gmail.com