ما حلمت فيك حتى أُغَيِّر مَوْقِفِك تجاهي حوارات

15-12-2018

د. خالد عايد الجنفاوي

سيصعب على العاقل إرغام شخص آخر على تغيير وجهة نظره السلبية تجاهه، وبخاصة إذا لم يكن لدى الآخر استعداد نفسي لتغيير موقفه الشخصي، بل ومن المفترض ألاّ يسعى العاقل لإجبار الآخرين لتصحيح أو لتغيير وجهات نظرهم تجاهه، وبالذات إذا تعلق الأمر بالعلاقات الفردية والاجتماعية الاعتيادية. وإذا كانت الانطباعات الاولية ترسخ دائماً في العقل والقلب، فالأكثر رسوخاً وتجذراً في هذا السياق هو الموقف الشخصي والنظرة والمشاعر السلبية والتي تتكون في ذهن الانسان الآخر بسبب ظروف وأحداث معينة توافق حدوثها في سياق التفكير العاطفي، وهو الذي يعتبر، وفق وجهة نظري المتواضعة، الأكثر تدميراً في سياق العلاقات الفردية والاجتماعية. فما إن يدخل التفكير العاطفي في العلاقات الفردية والاجتماعية حتى يحولها إلى ساحة نرجسية تحدث فيها مختلف أنواع الانطباعات السلبية،وتنتج فيها الاحكام السلبية المسبقة،وتترسخ فيها المشاعر النرجسية، فكيف بالعاقل أن يتوقع أن يحدث أمر مختلف في هكذا علاقات بدأت في التفكير العاطفي وترسخت عبر الشخصنة والنرجسية؟ وبالنسبة لي شخصياً، لا اهتم كثيراً بتغيير وجهات النظر السلبية والمشخصنة والمتحاملة ضدي، وذلك لأنني اعتقد انني لست وصياً أخلاقياً على الآخرين، ولا أتحمل مسؤولية العمل على كسب رضاهم،فقط لأنهم لا يرضون عني أو لا يوافقونني الرأي أو لا يتفقون مع رأيي الشخصي تجاههم أو تجاه القضايا العامة المشتركة، فحرية الرأي والتعبير واتخاذ المواقف الشخصية لا يُمكن لأحدهم أن يحتكرها، لو يمكن لإنسان آخر ان يفرض على الآخرين ان يقبلوه أو يحبوه أو يتفقوا معه أو حتى يرضوا عنه، وفقط لأنه يعتقد أنه يجب عليهم فعل ذلك. فبالاضافة إلى حقيقة ترسخ الانطباعات الاولية في سياق العلاقات الفردية والاجتماعية، لا يمكن لك ايضاً أن تضيّع وقتك وجهودك لتحقيق قبول في قلوب وعقول اشخاص آخرين لا شأن لهم بشؤون حياتك. ويجدر بالعاقل أن يتوقف مباشرة عن السعي لكسب رضا كل الناس، ما دامت أقواله وكتاباته وكلامه وسلوكياته لا تقلل من حرياتهم ولا تنتقص من اختياراتهم الشخصية.

كاتب كويتي