فلسطين تنتصر في الأمم المتحدة

15-12-2018
د. ناجي صادق شراب

فشلت الولايات المتحدة في تمرير قرارها بإدانة الفصائل الفلسطينية. وجاء هذا الفشل بعدم حصول القرار على أغلبية الثلثين المطلوبة لإقراره، والقرار مع ذلك تم تبنيه ب87 صوتاً مع، و57 صوتاً ضد، و33 صوت امتناع. وعلى الرغم من أن هذا الفشل يعتبر إنجازاً للدبلوماسية الفلسطينية والكويتية، فإن القراءة الهادئة تحتاج إلى إبداء عدد من الملاحظات المهمة. أول هذه الملاحظات أنه لا يمكن التقليل من عدد الذين أيدوا القرار، والدول التي أيدته، وخصوصاً الدول الأوروبية وبعض الدول الإفريقية. فلا شك من وجهة نظر «إسرائيلية» يعتبر مكسباً، وتحولاً في الكتلة التصويتية للدول الأعضاء. وهذا يستوجب فلسطينياً وعربياً حملة ديبلوماسية نشطة مستقبلاً للحيلولة دون زيادتها.
الملاحظة الثانية، أن الفشل كان متوقعاً بسبب صعوبة الحصول على ثلثي الأصوات، جراء التعديل الذي فرضه مندوب الكويت، مما حال دون حصول الولايات المتحدة على الأصوات، والمشروع الأمريكي حمل اسم نيكي هايلي التي أرادت أن تنهي حياتها في الأمم المتحدة بمشروع قرار يحمل اسمها دعماً ل«إسرائيل».
الملاحظة الثالثة، أن الفشل ليس فقط في عدم الحصول على ثلثي الأصوات، بل إن المشروع فشل في الحصول على الأغلبية البسيطة، أي على النصف زائد واحد، إذ حصل على ما نسبته 49%، لكن في الوقت نفسه، فإن نسبة المعارضين تعتبر قليلة، وهي مؤشر سلبي وإنذار خطر، فوصلت النسبة 32%.
الملاحظة الرابعة، أن نسبة الممتنعين، وإن بلغت حوالي 18%، فهي نسبة ليست قليلة أيضاً، ويمكن أن تفسر من قبل كل جانب على أنها تعني التأييد له، وهذه المجموعة ينبغي العمل عليها ديبلوماسياً لكسب أصواتها في المستقبل، خصوصاً أن منها دولاً اعتدنا تأييدها للقرارات الداعمة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. والملاحظة الخامسة، وهي في غاية الأهمية، والمقصود الجهد الكويتي في تمرير قرار إجرائي بضرورة حصول القرارعلى أغلبية الثلثين.
الملاحظة السادسة، أن رفض مشروع القرار الأمريكي جاء بسبب انحيازه الواضح لموقف «إسرائيل»، وتجاهل قتل المدنيين الفلسطينيين، والاستخدام المفرط للسلاح من جانب «إسرائيل».
الملاحظة السابعة، ماذا تعنى أغلبية الثلثين؟ تعني أن إقرار مشروع قرار في الأمم المتحدة بأغلبية الثلثين له قوة الإلزام، وقوة الفيتو، وما يعنيه من فرض عقوبات، والولايات المتحدة لم تطلب إقراره بأغلبية الثلثين، بل طالبت بالأغلبية البسيطة التي لم تنجح أيضاً في الحصول عليها، لكن من ناحية أخرى المطالبة كويتياً وعربياً بأغلبية الثلثين، هدفها إفشال المشروع، لكن التخوفات كانت في الحصول على الأغلبية البسيطة، وهذا لم يحدث أيضاً.
الملاحظه الثامنة، أن معارضة القرار لا تعني الموافقة الصريحة على إطلاق الصواريخ، وبناء الأنفاق والتحريض، بقدر ما تحمل الدعم للشرعية الدولية، والدعوة للسلام الشامل، وإنهاء الاحتلال وتنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين.
والملاحظة التاسعة، تتمثل في أهمية المصالحة الفلسطينية، وقوتها وقوة الشرعية الدولية، والتنسيق فلسطينياً في الخيارات، وأهمية أن تكون لنا ديبلوماسية واحدة، وشرعية واحدة، وخيارات واحدة تحظى بالتأييد الدولي. ولا يمكن اعتبار ما حدث أنه انتصار أحادي لأي فصيل، إذ يجب أن يفتح هذا الإنجاز باب المصالحة وتوحيد الشرعية الفلسطينية في مخاطبتها العالم بصوت واحد، هو صوت الحق والعدالة الفلسطينية.
إن معركة الشرعية الدولية، وساحاتها الأمم المتحدة، هي من أهم الخيارات والمعارك السياسية التي ينبغي التركيز عليها، وتوسيعها، وصولاً لإنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية.

drnagishurrab@gmail.com