يَا طَبَيب طَبِّبْ نَفْسَك! حوارات

12-12-2018

د. خالد عايد الجنفاوي

يصعب على بعض الاشخاص النظر بشكل متجرد إلى أخطائهم الشخصية، أو حتى الخروج من صندوقهم العقلي المغلق والنظر إلى أنفسهم وأحوالهم وأوضاعهم ووقائع حياتهم الخاصة والعامة بشكل موضوعي. والأسوأ في هذا الامر يتمثل في انغماس أحد الافراد في وعظ ونصيحة وتطبيب الآخرين وهو عليل، وبالطبع، لن يسعى لتطبيب ووعظ ونصح الآخرين ويُهمل نفسه ويهمل الاهتمام بمن هو مفترض عليه الاهتمام بهم، سوى ذلك الانسان مضطرب الاولويات والمشوش والذي لا يعرف ما هي أولوياته وأهدافه الشخصية الحقيقية، وتراه ينشغل بإصلاح شؤون وأوضاع الغرباء، بينما لا يلتفت إطلاقاً لنفسه ولا يصلح ما هو معوج وناقص وسلبي فيها، ومن بعض أسباب تطبيب الآخرين وإهمال النفس ما يلي:
يتعمد البعض تجاهل واقعهم المر بوعظ الآخرين ونسيان أنفسهم.
يعاني من يطبب الناس وهو عليل من ذلك النوع من النرجسية العقيمة، فلا هو يستطيع استعمال طاقاته وامكاناته الفطرية أو المكتسبة لتطبيب نفسه، ولا هو يستطيع مساعدة الآخرين بشكل مناسب أو تقديم نصائح مفيدة لهم.
علامات الاصابة بمرض تطبيب الآخرين وإهمال النفس: التسويف والتلكؤ والمماطلة والتأجيل والتردد السلبي وربما غزارة الكتابة وكثرة الكلام وأحياناً بلا معنى وبلا فائدة للنفس.
لا يطبب الناس الآخرين ويتجاهل معالجة نفسه سوى من يأس من نفسه.
ينشغل مطبب الناس ومتجاهل نفسه في إدارة شؤون الآخرين، وربما يحاول فرض وصايته الاخلاقية على من لا يقبلون أصلاً وصايته عليهم، ويصعب على البعض أحياناً التعامل مع هذا النوع المضطرب من الاشخاص المشوشين.
من يطبب الناس ويعجز عن تطبيب نفسه، ستجده أحياناً ولي أمر يفتقد العلاقات القوية والصحية والايجابية مع أبنائه أو بناته أو مع زوجته أو مع زوجها.
ينتهي الأمر بالمنشغل بشؤون الآخرين وحيداً، لأنه ببساطة تجاهل طوال الوقت الحرص على من كان يجب عليه أو عليها الحرص عليهم.
تشير قصة “باب النجار مخلع” إلى عدم إتقان أمر كان لا يجدر عدم إتقانه، وتشير قصة مطبب الآخرين إلى الهرب المتواصل من مواجهة النفس وتجاهل إصلاحها بسبب غياب الاولويات.

كاتب كويتي