انسحاب قطر من الأوبك

05-12-2018

ليست هذه المرة الأولى التي تقرر فيها دولة من منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) تجميد عضويتها، فقد جمدت بعض الدول عضويتها وأعادتها مرات عدة منذ تأسيس المنظمة قبل 58 عاما.

وانسحاب قطر وإن كان مفاجئا إلا أنه غير مؤثر، فنسبة إنتاجها مقارنة بإنتاج دول الأوبك لا تتجاوز 1.9 %، لكن ما جعل الخبر يبدو مثيرا وشهيا للإعلام ووكالات الأنباء أن الإعلان أتى متزامنا مع وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى دولة الجزائر، المخزن العملاق للغاز الطبيعي في العالم، فالأمر في شقه السياسي الذي تنفيه قطر لا يتعدى محاولة يائسة للفت الأنظار إليها، خاصة قبل اجتماع فينا المقبل.

تبرير وزير الطاقة القطري كان أن الانسحاب «رغبة قطر بتركيز جهودها على تنمية وتطوير الغاز الطبيعي، وعلى تنفيذ الخطط التي تم إعلانها مؤخرا لزيادة إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 110 ملايين طن سنويا»، وهذا ما يؤيده بعض خبراء النفط، وإن كان ليس بهذه الصورة المثالية، بل هو أقرب لمأزق جعل الانسحاب فرضا وليس خيارا، فالأمر يتعلق بمشاكل تقنية تتركز حول الزيادة الإنتاجية من الغاز، مما يسبب ضعف إنتاجية النفط.

وفي ظل الإنتاج العالي للنفط يكون من الصعب على قطر القدرة على إنتاج النفط في ظل الإنتاج العالي من الغاز، لهذا تبدو فرضية أن الانسحاب لم يكن خيارا أمثل بقدر ما كان عجزا عن إنتاج النفط والغاز في آن واحد، وهذا لا يعني استبعاد السبب السياسي، وإن كانت قطر تقول إن القرار اقتصادي وليس سياسيا، لكن تصريحاتها حول عدم ارتياحها لسيطرة دولة واحدة على قرارات أوبك (تعني السعودية) لا يمكن تجاهله، فهي تأمل أن يفتح انسحابها الباب لبقية الأعضاء الصغار بالانسحاب أيضا، فهي محاولة لعزل السعودية أو إلغاء أوبك.

وهذه المحاولة البائسة هي أولى نتائج المصافحة الشهيرة في قمة الـ 20 الأخيرة بين ولي العهد السعودي والرئيس الروسي، ولهذا تأتي حجة (الهيمنة السعودية على أوبك) كما تصفها الدوحة حجة بليدة، وكأن الدوحة تكتشف أخيرا أن الدولة الأكبر في إنتاج النفط لها هيمنة على المنظمة.

والطريف في الأمر أن قطر تنفي وتؤكد في الوقت نفسه أن القرار سياسي، إذ تصفه بأنه قرار اقتصادي ثم تربط ذلك بأسباب سياسية، متناسين أن القرارات في منظمة الأوبك تؤخذ بالإجماع وليس لرغبة المنتجين الرئيسين، ولو رفضت دولة واحدة الموافقة على مسودة قرار فلن يتم تبينه من قبل المنظمة، ويظل السبب الحقيقي هو ما لا تريد قطر أن تذكره، لأنها تدخل رهانا على حدوث معجزة، وتقامر بدخول منطقة لا يوجد بها سوى صوت حليف يحتضر من عقوبات اقتصادية، وغدا ناظره (غريب) ربما!

Fheedal3deem@