مقومات ينبغي مراعاتها عند إصدار القوانين

14-11-2018

د. عبدالله راشد السنيدي

النظام أو القانون يؤدي دوراً حيوياً في حياة الدول، فهو الذي ينظم العلاقات الدولية، كما ينظم العلاقات بين الدولة ومواطنيها، وبين المواطنين انفسهم.
وبسبب هذه الأهمية للنظام أو القانون فإنه يمر خلال دراسته بالعديد من المراحل حتى يرى النور، فالقانون حقوق وواجبات، وقد يكون دوره تنظيمياً فقط، وهو يصدر في قواعد عامة ومجردة يتم تطبيقها عند توافر الضوابط التي وردت فيها، فالنظام أو القانون لا يصدر لتنظيم حالة فردية أو ذاتيه، بل في قواعد مجردة لا ترتبط بشخص معين، ولا حالة محددة.
لقد عرفت المملكة العربية السعودية الأنظمة والقوانين حتى قبل اكتمال الـتأسيس، حيث صدرت في سنة 1925 “التعليمات الأساسية”، التي تضم قواعد نظامية لتنظيم شؤون الدولة وحقوق المواطنين، وتوالي صدور الأنظمة المتعددة في مختلف المجالات إلى أن صدر أبو الأنظمة (النظام الأساسي للحكم) سنة 1992، والذي يماثل الدساتير في الدول الأخرى، لكنه ليس دستورا باعتباره قد نص وبشكل قطعي على أن دستور المملكة هو كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله محمد (عليه الصلاة والسلام).
وانتهاج السعودية سياسة إصدار الأنظمة والعمل بها لا يعني ذلك التعارض مع الشريعة الإسلامية التي نص النظام الأساسي للحكم على أنها دستور المملكة، بل إن هذه الأنظمة تصدر في الجزئيات التي لم يرد في الشريعة نص حولها، باعتبار أن قواعد الشريعة الإسلامية أجازت للحاكم المسلم تنظيم الأمور المستجدة في ضوء ما يعرف بالسياسة الشرعية، كما أن المملكة تحرص عند إصدار هذه الأنظمة ألا يرد فيها ما يتعارض مع القرآن الكريم أو السنة النبوية.
لكن رغم ما يبذل من جهود وتعدد المراحل عند دراسة الأنظمة أو القانون، سواء في السعودية أو غيرها، إلا أنه تبرز بعد صدور بعضها ملاحظات قد تكون مهمة، حول تلك الأنظمة، فالملاحظات قد تتعلق بالواجبات وقد تتعلق بالحقوق، وقد تتعلق بالصياغة، أو تتعلق بالنواقص التي لم يوردها النظام.
وهذه الملاحظات على بعض الأنظمة
إنما تحصل في الغالب من المعنيين
بهذه الأنظمة، أو المستفيدين منها،
أو من بعض النخب، كالباحثين والإعلاميين.
أعتقد أنه يمكن تلافي هذه الملاحظات عبر استطلاع مرئيات هؤلاء وأمثالهم حول مشاريع الأنظمة التي لا تتسم بالسرية، أو بالطبيعة الخاصة، قبل صدورها بواسطة ما يعرف بالاستبيان الذي يعتبر إحدى أكثر وسائل جمع البيانات والمعلومات، وذلك بطرح العديد من التساؤلات حول مشروع النظام، والطلب ممن سوف يزود بنسخة من الاستبيان بالإجابة عنها، إضافة إلى تدوين ما يراه من إضافات، أو حذف، أو تعديل في مشروع النظام.
إن هذا الاقتراح يهدف لتلافي النقص، أو الأخطاء، في الصياغة التي قد تحصل في الأنظمة، إضافة إلى أهمية مشاركة المعنيين بالنظام أو القانون، وبعض النخب في دراسته، سوف تثري الموضوع محل الدراسة، فقد يكون لهم آراء أو وجهات نظر مهمة تتعلق به.

كاتب سعودي