لغتنا والاقتصاد

18-10-2018

يستغرب كثيرون - وأنا أحدهم- من اعتماد اللغة الإنجليزية في كتابة (توصيات المحللين) إلّا ما ندر، وهذه التوصيات من مراكز البحوث التابعة للبنوك السعودية، أي من المملكة التي هي مهد العروبة، ومهبط الوحي، ومُنطلق رسالة الإسلام الحنيف للعالم.. والتوصيات مُوجَّهة -بالدرجة الأولى- للمجتمع الاستثماري العربي السعودي، وأكثره من الأفراد، ويزيد الاستغراب حين نجد المصارف التي تُصنِّف نفسها بأنها (إسلامية) كثيراً ما تكتب تلك التوصيات المُفصّلة باللغة الإنجليزية فقط!. إنّ (اللغة هويّة) قبل كل شيء، ولا يُمكن أن يستوعب الإنسان أي أفكار أو توصيات بشكل كامل إلّا بلغته الأصلية، فلماذا يتحاشاها إخواننا المحللون؟ إنْ لم أقل يهملونها؟.. إذا كان لا بدّ - في نظرهم- من تحريرها باللغة الإنجليزية فليتم وضع ترجمة دقيقة لها بلغتنا الأم والتي هي الأصل، ومع الأسف قد نكتفي بالمطالبة أن تكون مجرد فرع!. من ناحية ثانية فإنّ على المتخصصين في الإدارة المالية والاقتصاد والمحاسبة مسؤولية كبيرة في تعريب مصطلحات الاقتصاد والإدارة المالية، ووضع مصطلحات مختصرة لها كما هي الحال في (الإنجليزية) فهذا العمل من واجب الأمانة للغة القرآن الكريم، وللمجتمع العربي الكبير، وللمجتمع السعودي الكريم، الذي كثيرٌ من سكانه لا يُتقنون الإنجليزية بشكل يُمكّنهم من استيعاب تلك التوصيات المكتوبة بغير لغتهم.. إسرائيل أَحْيت لغتها الميّتة، والفرنسيون لا يقبلون التحدُّث بغير لغتهم ولو كانوا يُتقنون اللغات الأخرى، لأنّ اللغة (هوية) واعتزاز ورمز ثابت لشخصية الأمة، فما بالكم بلغة القرآن الكريم؟.

إنّ تقارير المحاسبين القانونيين المرفقة مع ميزانيات الشركات وتقاريرها المالية مكتوبة باللغة العربية الفصحى، فلم تعجز العربية عن استيعابها وتوضيحها، فلماذا تعجز بيوت الخبرة والمحللون عن كتابة توصياتهم بلغتنا الأم؟ إنّ ذلك نوعٌ مُؤلِمٌ من العقوق.