ندفع لهم يجزوننا شتائم وحقداً وحسداً…!

18-10-2018

حسن علي كرم

نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح بصفة تبعية الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية لإدارته، ورد في ردٍ على سؤال برلماني عن معاناة الصندوق ازاء القروض التي تتخلف بعض الدول المقترضة عن تسديدها واصفاً بان عددها قليل بالنسبة لعدد الدول المقترضة.
الوزير الخالد حاول قدر الإمكان التقليل من اهمية القروض المتأخرة السداد، الا ان الواقع لدى العارفين ليس الامر كذلك، فهذه القروض لم يتم الاتفاق مع الصندوق على جدولتها او تأجيل السداد، لكن هناك ما يشبه التجاهل.
والغريب وفقا لمصدر مطلع وعارف بمسائل القروض الحكومية هو ان غالبية القروض المتأخرة في مقدم تلك الدول تأتي الدول العربية، و هو ما يعني ان اتفاقيات القروض التي يوقعها الصندوق مع تلك الدول في نظر حكوماتهم حبر على الورق!
فهل يجوز استمرار مهزلة القروض واستنزاف الأموال الكويتية، وهي أموال عامة عائدتها للأمة التي أودعت ثقتها بالمسؤولين عن الصندوق، ويفترض الا تكون أموال الصندوق عرضة للعبث والتلاعب والتهاون والاستسهال وعدم المساءلة والمراجعة؟
ان الغزو العراقي الغاشم على الكويت كان ينبغي ان يكون الحد الفاصل، والاختبار الذي يكشف لنا وجوه الأعداء من الأصدقاء، ومن معنا ومن ضدنا، ومن الصادق معنا ومن الكاذب، ومن يلتزم المواثيق والمعاهدات، ومن يرقص على حبل المواثيق والمعاهدات لتحقيق مآربه، رغم ان علاقات الدول لا تسيرها الاخلاقيات انما المصالح، فالغزو كشف عرب الاحقاد وعرب الأنداد، والذين ساندونا وحرروننا ليس خوفهم على ضياع الكويت، او من اجل سواد عيون الكويتيين الذين تشردوا في أصقاع الارض، او الذين رزحوا تحت مذلة ونير الاحتلال، لكن كان الهاجس الاول والاخير ان غزو الكويت الخطوة الاولى لغزوات أوسع، فالكويت لم تكن الا “سندويش” على الماشي او بوابة مرور الى ما هو ابعد من الكويت!
في كل الاحوال ليس حديثنا هنا عن الغزو ومآسيه، انما عن مآلات قروض الصندوق الكويتي الذي تذهب امواله لجهات لا تستحقها، الامر الذي يجعل استمرار منح القروض الى تلك الأطراف، ان كانت بلداناً او مؤسسات، ضرب من السفاهة ولا حماقة، ألامر الذي يقتضي اعادة النظر بوضع الصندوق من حيث السياسات والتوجهات، ففي الاخير أموال الصندوق أموال كويتية، بمعنى أموال عامة ترجع في الاخير للأمة الكويتية.
لقد شرع الصندوق منذ تأسيسه في ستينيات القرن الماضي والى هذا اليوم سياسة ثابتة، رغم المتغيرات التي شابت العالم، والاوضاع الاقتصادية والمالية في الكويت وغيرها من البلدان، والمجاميع الاقتصادية وانشاء صناديق مالية مماثلة، واذا كان الصندوق الكويتي الأعرق والأقدم على صعيد المنطقة، لكن يبقى جمود سياساته اغلب الظن هو احد أسباب تنصل بعض المقترضين من سداد قروضهم، وهو ما يعني مراجعة تلك السياسات البالية، و تأسيس سياسة تناسب الاوضاع المالية العالمية الحالية، وما استجد على الافتصاد العالمي، مع تأكيدعلى مصالح الكويت الاقتصادية والسياسية.
ان مقولة الصندوق الذراع السياسية لوزارة الخارجية، يمكن ان نفهمه اذا كانت الكويت دولة عظمى، او دولة تحمل اجندة سياسية او فلسفية تسعى لنشرها.
عندما تأسس الصندوق كانت هناك اعذار فرضت سياسة كسب الأصدقاء، لكن اليوم وبعد ضمان امننا وحدودنا دولياً، ماذا الذي يجعلنا نستمر بضخ أموالنا “للي يسوى وللي ما يسوى”، ولا نتلقى منهم غير الحقد والحسد، بينما تعاني ميزانيتنا العجز السنوي، و تأخر الخدمات والبنية التحية بذريعة عدم توافر المال الكافي؟
ان تباهي قيادات الصندوق اعتماده على ذاته الامر، فالمؤكد ليس ذلك عائد من فوائد القروض، والتي ما بين واحد الى واحد ونصف في المئة، و التي اذا روجعت فلا تغطي حتى رواتب الموظفين، ومصروفات الصندوق، انما تلك العائدات تعود لأنشطة استثمارية، لذا نعتقد انه ينبغي مراجعة سياسات الصندوق الاقتراضية، و تغيير أنشطته من مؤسسة أقتراضية الى مؤسسة استثمارية مستقلة، مع استمرار نشاط الاقتراض، لكن بضمانات ورهونات مؤكدة.
صحافي كويتي