السعودية … قيادة ساعدت أميركا وقت المحن والأزمات

18-10-2018

أحمد الدواس

نعم السعودية ساعدت أميركا مالياً وسياسياً، لنضرب أمثلةً تاريخية على ذلك، ففي عام 1981 كان الشرق الأوسط يعج بالاضطرابات السياسية، فقد أُطيح بشاه ايران، وكان الاتحاد السوفياتي قد احتل أفغانستان قبل سنتين، وخطره يقترب من سواحل الخليج.
هذه أوضاع خطيرة بالتأكيد تهدد الاستقرار في المنطقة العربية، وجاءت هذه الظروف في أسوأ وقت ومصاحبة لانتخاب رونالد ريغان لرئاسة أميركا.
هنا أراد ريغان احتواء خطر التوسع السوفياتي ومنع تواجده العسكري في باقي أنحاء العالم، ومحاولته تلك تُعرف بـ”مذهب ريغان”، أي” محاولة إضعاف السوفيات بتقديم الدعم للمناوئين لهم”، لكن المشكلة لدى ريغان ان تنفيذ مذهبه “باهظ التكاليف” وأميركا مُنهكة، فقد خرجت للتو من حرب فيتنام، كما ان سعر برميل النفط ارتفع من نحو أربعة دولارات الى أكثر من 21 دولاراً.
فأخذت الإدارة الأميركية ومعها مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليم كيسي دراسة كيفية حل المأزق المالي لمواجهة الخطر الشيوعي، فوجدت ان السعودية على استعداد لتقديم الدعم المالي لتمنع خطر الاتحاد السوفياتي وأيديولوجيته، فقد فسرت السعودية مغامرة روسيا في أفغانستان على أنها جزء من خطة سوفياتية لتطويق الجزيرة العربية بأنظمة راديكالية، والدليل على ذلك تواجد السوفيات في اليمن وأثيوبيا.
قدمت السعودية المال لكل من ثوار نيكاراغوا ضد الحكومة الماركسية في بلادهم، والسودان ضد خطر جاره الأثيوبي في مواجهة حكومة منغستو الشيوعية، حليفة السوفيات، وساعدت زعيم ثوار أنغولا جوناس سافيمبي ضد حكومته الشيوعية، وتصدت للخطر الشيوعي خلال ولاية ريغان.
وهكذا مارست السعودية دوراً كبيراً ومؤثراً في درء المخاطر المهددة لأمن الشعوب، لدرجة ان الأمير بندر بن سلطان، سفير السعودية لدى الولايات المتحدة، آنذاك، أفضى إلى أحد الصحافيين الأميركيين حديثاً في سنة1981 فقال، ربما على سبيل المزاح:” إنه لوكنتم تعلمون ماذا كنا في الواقع نفعل لصالح أميركا، فإنكم لن تقدموا لنا طائرات الأواكس فقط، بل ستقدمون لنا أسلحة نووية”.
وحتى على المستوى الاقتصادي، تشيد التحليلات الاقتصادية الأوروبية والأميركية بدور السعودية في المحافظة على استقرار السوق النفطية من الاضطرابات، إذ يسميها أحد التحليلات الاقتصادية المرموقة بـ” بنك النفط المركزي”.
هكذا ساعدت السعودية أميركا إبان المحن والأزمات، وتمر السنون وتأتي حكومة أميركية بإدارة دونالد ترامب انتقدها كثير من السياسيين في أميركا، واستقال بسببها بعض السفراء الأميركان، وفي تعليق يقول الكاتب مايكل غيرسون في مقالة بصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية” إن إدارة ترامب لا تلتفت الى معاناة وأزمات الشعوب، بل لحادث اختفاء صحافي زار اسطنبول، وان ترامب يضع المصلحة الأميركية قبل كل شيء، متقلب في تصريحاته، إذ قال: لا أريد أميركا ان تخسر صفقات عسكرية مع السعودية تدر أموالاً ضخمة تصب في أميركا، ولم يلتفت ترامب الى مآسي شعوب آسيا وأفريقيا، ففي الصين هناك اضطهاد ديني لطائفة إيغور (المسلمة) مع التعذيب الجسدي والنفسي، وعزل أفراد الأسرة الواحدة، فنجد ترامب يهتم بالعجز التجاري مع الصين، وهناك التطهير العرقي لشعب الروهينغا (المسلم) في بورما مع حرق قراهم، والاغتصاب وقتل المدنيين، مع إشارة وزارة الخارجية الأميركية لتقارير تفيد بأن شهوداً رأوا جنود بورما يرمون أطفال المسلمين في النار، أو داخل الأكواخ المحترقة، ومع ذلك فان إدارة ترامب ترفض ان تــُسمي هذه الأفعال مذابح أو جرائم ضد الإنسانية، والإدارة تدرك ان كوريا الشمالية تمارس التعذيب والاغتصاب والإجهاض القسري وإبادة المعارضين للنظام، ورغم ذلك نجد ترامب يروي وقوعــه في حب مع كيم يونغ أون، الزعيم الكوري الشمالي”. (انتهى الاقتباس).
في صحيفة “يــابان تـايمز” كتب كوني ميــيك، وهو محلل ياباني مرموق مقالة يوم 15 أكتوبر الجاري كان أهم ما جاء فيها الملاحظة التالية:” إن ولي العهد السعودي شخصية ذكية، والذكي بإمكانه ان يستدرج خاشقجي الى المملكة ثم يحتجزه، أما استدراجه وحجزه في القنصلية السعودية في اسطنبول فسيعرض السعودية لانتقادات المجتمع الدولي”.
لما توعد ترامب السعودية بعقوبات قاسية إن كانت هي التي قتلت الصحافي خاشقجي، ردت السعودية فوراً على ذلك فهددت بالانتقام من أي دولة تفرض عليها عقوبات اقتصادية، ما جعل اميركا تهرع بالأمس فترسل الى الرياض وزير الخارجية مايك بومبيو، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
سفير كويتي سابق