استهداف الإصلاح

17-10-2018

تحوّلت ردود أفعال بعض السياسيين الغربيين ووسائل الإعلام العالمية على اختفاء جمال خاشقجي إلى إحدى أضخم الحملات الإعلامية، فقد تمكنت من شغل الرأي العام العالمي عن قضايا محورية كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والحرب الأهلية في سورية، والعقوبات على إيران، والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. ولعبت التكهنات والافتراضات - التي لا ترتقي إلى مستوى القرائن - الدور المركزي في هذه الحملة الشعواء، والتي يسعى المشاركون فيها إلى إثبات أن خاشقجي قُتل داخل مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول، رغم أن لا أحد يعرف إلى الآن ما الذي حدث سوى من خلال تقارير إعلامية منسوبة إلى مصادر غير مؤكدة.

لكن المؤكد هو أن بعض الأطراف تحاول تحويل خاشقجي إلى قضية مركزية في معادلة التوازن الإقليمي، وتحاول استهداف صورة المملكة العربية السعودية الجديدة التي تعمل على تطبيق إصلاحات جوهرية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث لاحظ الجميع التركيز الكبير لوسائل الإعلام التركيّة والقطريّة ومعهم بعض وسائل الإعلام الأميركية على تشويه صورة الانفتاح المقترن بالرؤية، والتي من شأنها التشويش واهتزاز الانطباعات السائدة عن المملكة في الخارج، وهذا بدوره سيسقط مصداقية إمبراطوريات إعلامية لطالما كان لها وزنها في الساحة.

يريد الخصوم أيضاً تقويض قدرة السلك الدبلوماسي السعودي على العمل بحرية في الخارج، وذلك عبر تثبيت الاتهام على القنصلية السعودية في إسطنبول والعاملين بها في ما يتعلق باختفاء خاشقجي، وتريد الجهات التي تقف خلف الحملة ترك انطباع بأن الدبلوماسيين السعوديين ساهموا في «جريمة» إخفاء خاشقجي، وأن ذلك في حال ثبوته؛ سيقوض المبادئ المؤسسة للعمل الدبلوماسي، والتي تقوم على أن البعثات الدبلوماسية ومبانيها أماكن آمنة ومحصنة من تدخل الدول المضيفة، وتعلم هذه الجهات أن تثبيت الاتهام سيضع البعثات الدبلوماسية السعودية في موضع الخارج عن المبادئ المؤسسة للأعراف الدبلوماسية في العالم.

يقول الكاتب الأميركي باتريك بول: «في غياب الحقائق المؤكدة، فإن الإعلام الأميركي يطفح بكل أنواع التسريبات من مصادر تركية، وقد لاحظت خلال الشهر الماضي أن وسائل الإعلام الأميركية تنجذب لنظام أردوغان، على رغم أن تركيا في عهد هذا النظام هي أكثر دولة في العالم تحتجز الصحافيين، ما يخلق طبقات عدة من السخرية عند الحديث عن المسلسل الدرامي حول خاشقجي».