نعم معظم رواياتنا ضعيفة

18-10-2018
سوسن دهنيم

في مقال له تناول الكاتب إبراهيم مبارك موضوع الرواية الخليجية تحت عنوان «فيما يراه الراوي»، وقد طرح إشكالية ضعف الرواية الحديثة وتركيزها على موضوعات الحب والحياة الاجتماعية المفككة والحرمان العاطفي وغيرها، خصوصاً تلك التي تكتبها الروائيات، والتي تحولت إلى مسلسلات تلفزيونية.
ما طرحه الكاتب واضح، وقد يتفق معه كثيرون، خصوصاً من يبحثون عن الكتب القيمة التي تضيف لمحصلتهم الثقافية، ومن يبحثون عن الروايات الجادة التي لا تهتم بالفذلكة اللغوية والغرائبية التي لا تخرج منها بموضوع أو حبكة سوى مجموعة مشاعر متداخلة أشبه بأمواج لا توصل إلى ساحل.
لسنا ضد التجديد في الرواية أو أي شكل فني، ولسنا مع قولبة الفنون أياً كانت، لكن التسطيح الغالب على الرواية يخلق جيلاً قارئاً لا يهتم بالمخرجات قدر اهتمامه بالسهل والعادي أو الغريب الذي يشبه أفلام الرعب التي لا هدف لها إلا إثارة المشاعر.
أحد الأصدقاء الروائيين لا يصدر رواية إلا بعد عشر سنوات، وحين سألناه عن السبب عرفنا أنه يبحث خلال هذه السنوات عن موضوعه الرئيس الذي يرغب في تناوله،وقد يسافر إلى البلدان التي سيذكرها كي يتعرف إلى طبيعة علاقات أفرادها ببعضهم وبدولتهم وعاداتهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. هذا فضلاً عن قراءاته في التاريخ والجغرافيا والانثروبولوجيا والميثيولوجيا المتعلقة بتلك البلاد، كي يكون ملماً بكل جوانبها. يكتب الرواية ويعيد كتابتها مرات متعددة، كي يصل إلى شكلها النهائي الذي يتناسب واسمه وما يريد إيصاله للقارئ. تقرأ روايته فتستمتع بقصتها بقدر ما تحصل عليه من معلومات، وحين تنهي القراءة تشعر وكأنك قرأت مجموعة كتب في جوانب مختلفة لما أورده من معلومات لم تزج بشكل عشوائي ولم تشعر معها أنك تقرأ ما لا يتناسب والحدث أو طبيعة الرواية.
الرواية الخليجية الحديثة اليوم في أغلبها تفتقر إلى هذا البحث والحرث المعرفي وترتكز أساساً على موضوعات مطروقة ولا تهدف إلا إلى بلبلة المشاعر وزعزعة النفس، إن لم تعتبر سرداً ذاتياً لا يتعدى كونه تجربة واحدة شخصية لحدث واحد ممطوط ومكرر، ولو أعيدت كتابتها من غير الحوارات والحشو لأصبحت قصة قصيرة.
ما الذي يمنع الأجيال الجديدة من كتّاب الرواية لدينا من البحث والتروي قبل أي إصدار جديد؟ ما الذي يمنعهم من محاولة كتابة ما يضيف إلى الذائقة والمعرفة قبل أن يفكروا في نشر ما يضيف لمجموع إصداراتهم رقماً جديداً؟ وما الذي يمنع الناشر الخليجي بشكل خاص والعربي بشكل عام من اختيار ما ينشر كي تكون لدينا عناوين تستحق الاقتناء والترجمة والدراسة؟

sawsanon@gmail.com