صاحبة بلا جلالة

18-10-2018
عبداللطيف الزبيدي

ما رأيك في مهنة الصحافة في العالم العربي؟ السؤال موجّه إلى الزملاء في مهنة المتاعب، ومحنة المصاعب. بالمناسبة ثمّة شبه لا يوصف صدقه، بين السياسة في دنيا العرب، وبين كرة القدم، وهو أن الأمور لا يمكن أن تتحرّك إلا بالركل، في النصر والهزيمة.
أغلب الظن أن ظهور الصحافة العربية يعود إلى سنة 1828، مع صدور «الوقائع المصرية» في عهد محمد علي باشا؛ أي قبل 190 عاماً. حياة مديدة، ولكن الأقدار لم تمتّعها بأن تغدو صاحبة جلالة في الديار العربية. لا نعلم العلة بالضبط، لكن الظاهر لم يكن يبشر بخير منذ مولدها، فغاية نشرها كانت مقصورة على إيصال المعلومات إلى موظفي الدولة، وضباط الجيش، وطلاب البعثات.
التوعية الجماهيرية لم تكن «ع الخاطر ولا ع البال»، كسائر الوقائع في أغلب الأحيان. 190 سنة ليست بالشيء اليسير، فصحيفة «لو فيجارو» الفرنسية هي اليوم في عامها الثاني والتسعين بعد المئة، لقد صدرت كجريدة أدبية في 1826. الفرق هو الفارق، الذي مهّد الدرب إلى المكانة المقتدرة التي تحتلها الصحافة في فرنسا؛ ذلك أنها اختارت شعارها تحت اسمها، مقولة للأديب «بو مارشيه»، هي مبدأ المبادئ في القيم الإعلامية: «من دون حرية النقد، لا مديح يدعو إلى الفخر».
الطريف هو أن «لو فيجارو» في مرحلة ما من مسيرتها، تخلّت عن نشر المقولة، فتلقفتها صحيفة «لوكانار آنشينيه» (البطة المغلولة) الساخرة الرائدة، وجعلتها تحت الاسم في الصفحة الأخيرة.
الحديث يساق إلى جميع الزملاء، في مشرق العرب ومغربهم: لماذا بقيت الوقائع العربية إلى يومنا هذا وكأننا لا نزال في عهد محمد علي باشا؟ لماذا فشل الإعلام العربي في أن يكون كشافاً للأخطاء والأخطار، بحيث يقي الأوطان من الزلات والزلازل؟ لو كان الإعلام العربي يُحسب له حساب، ويُعتدّ بآرائه، لما حدث ما حدث طوال 190 سنة. «احنا لسه في أوّل يوم».
لزوم ما يلزم: النتيجة الجناسية: أحد اللاذعين قال إن الزملاء إشارة ضمنية إلى تأسيس الصحافة العربية على «الزوم لا»؛ أي «خليك بعيد».

abuzzabaed@gmail.com