حرب على التنمية

18-10-2018
ابن الديرة

لا نبتعد عن السياسة والاقتصاد والمجتمع، ولا نبتعد عن العقل والمنطق، حين نرد أجزاء كثيرة من المشهد العام في منطقتنا وفي الوطن العربي، إلى حرب خفية وظاهرة على التنمية، حرب حقيقية وممنهجة ومخطط لها جيداً، وكأن التقدم، في جذوره وأسبابه ونتائجه، مستهدف، ويمكن العودة إلى بدايات مبكرة زرع فيها عضو بغيض على مقربة بل في صميم الجسد العربي، منذ وعد بلفور المشؤوم إلى النكبة والنكسة، وصولاً إلى حروب ونزاعات غير مبررة، ووصولاً إلى «الهوجة» التي صاحبت ما سمي «ثورات الربيع العربي»، وقد أثبتت التجارب القريبة بتجلياتها المستمرة آثارها السلبية على المنطقة العربية حتى الآن، ووصولاً بعد ذلك إلى كشف شذوذ قطر عن قيم وشيم المنطقة فضلاً عن التقاليد السياسية والأعراف الدبلوماسية المتبعة، مع ما أعقب ذلك من فرز وفضح في أفق حوار كبير ما زال محتدماً، ووصولاً قبل ذلك وقبله إلى انقلاب ميليشيات الحوثي الإيرانية على الشرعية في اليمن الشقيق.
بدا واضحاً من كل ذلك، وأكثر منه، في مجمله ومفصله، أن قوى التخلف وجماعات التطرف والظلام تقود حرباً شرسة ضد الحداثة والتحديث والتنمية، خصوصاً حين تقرن التنمية بذلك الإطار المتكامل المشتمل أيضاً على التسامح والمساواة والحرية والتعدد والانفتاح على الآخر وقبول الاختلاف. مثل هذه القيم يقف في حلوقهم وكأنه شوكة أو غصة، والشاهد القريب قطر وما تمثله سياستها من انتهازية تدل على عدم احترام النفس قبل عدم احترام الآخر، حيث هي تدعي الحداثة وتعمل بكل ما أوتيت من قوة، ضدها، وحيث هي تدعو، عبر أبواقها المأجورة إلى الديمقراطية فيما هي تمارس النقيض، فلا انتخابات على أي مستوى، وهي ترفع شعارات «حرية التعبير والرأي» البراقة، فيما لا صوت إلا صوت النظام الضيق القميء، وهي تدعو إلى مشاركة المجتمع المدني في دول الخليج العربية وفي عموم أرجاء الوطن العربي، في حين لا منظمات مجتمع مدني أو جمعيات مهن أو نفع عام على الإطلاق في قطر.
الشاهد النقيض في منطقتنا وفي الوطن العربي يتمثل في دولة الإمارات على وجه الخصوص، فهي تقود معركة التنمية ووعي التقدم، وهي تدخل، في المقابل، حروباً حقيقية على الإرهاب وهو أكبر أعداء التنمية، سواء تمثل في الجماعات الضالة أو الدول المارقة، وها هي تحقق انتصارات متتالية ضد الحوثي الانقلابي وكيل حرب إيران على التقدم والتنمية والعدل والأمن والسلام.
الإمارات، بتوجهاتها العامة المعلنة، هذه التي تتجلى كل يوم بالمزيد من مشاريع العلم ومبادرات تمكين الشباب العربي، وآخرها مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي استهدفت خمسين مليون طالب في حقول العلم، في فكرة رائدة تجعل الشباب العربي يعيش المستقبل في الحاضر.
ذلك فيض من غيض، وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً.

ebnaldeera@gmail.com