العلماء السود و«نوبل للسلام»

18-10-2018
ونستون مورغان*

يحتفل كثيرون في عالم العلوم، بأن امرأتين حازتا جائزة نوبل لهذا العام في الفيزياء والكيمياء. «دونا ستريكلاند» و«فرانسيس ارنولد»، هما العالِمتان العشرون والحادية والعشرون بين جميع العالمات اللاتي اعترفت بهن لجنة نوبل. ومع ذلك، وعبْرَ ما يزيد على 100 عام، لم نرَ أبداً أيَّ عالِم أسود، يحوز جائزة نوبل.
في كل عام، تتصادف الإعلانات السنوية لنتائج جائزة نوبل في أكتوبر، مع «شهر التاريخ الأسود»؛ وذلك تذكير مؤلم بأن من بين أكثر من 900 حائز جائزة نوبل، لم يكن هنالك إلاّ 14 فقط (1.5%) من السود، ولم يكن ثمة أي فائز في العلوم. وفي المقابل، كان هنالك أكثر من 70 فائزاً آسيوياً، غالبيتهم في العلوم.والسبب الرئيسي لعدم فوز أي عالِم أسود بجائزة نوبل، هو مسألة أرقام فقط. فلا يختار دراسة العلوم عددٌ كافٍ من الشبان السود اللامعين. وإلى جانب محدودية الفرص المتاحة للأفارقة السود، فإن احتمالات دراسة السود للعلوم في البلدان الغربية، أقل، وأقل منها احتمالات بلوغ مرتبة عالية، وأقلّ من الاثنتين احتمالات التقدم إلى مهن علمية.
ولكي يصبح المرء حائزاً محتملاً لجائزة نوبل، يجب عليه أن يصبح محققاً باحثاً رئيسياً أو أستاذاً في مؤسسة رائدة. ولكن، ما إنْ يضع خريج العلوم الأسود رجله على الدرجة الأولى من السلّم الأكاديمي، حتى يواجه التحديات ذاتها التي يواجهها أيُّ أكاديميٍّ أسودَ آخرَ حول الحصول على ترقية، والوصول إلى الموارد. ولكي يصبح الشخص أستاذاً، يحتاج إلى دعم من مؤسسته، وإلى أن يعثر على الأقل، على أربعة أساتذة في مؤسسات أخرى، يدعمون طلبه ويشهدون له بأنه رائد في مجاله، ذو سمعة عالمية. وذلك يتطلب بناء شبكات داخلية وخارجية واسعة. ولأسباب عديدة، لا يعمل عدد كافٍ من الأكاديميين السود في مؤسسات تتوفر فيها مثل تلك السمعة والشبكات، ممّا يقلل بدرجة كبيرة احتمال ترقيتهم إلى أساتذة.
ويشكل ذلك أيضاً نوعاً من الحلقة المفرغة. فيبدو من المحتمل بدرجة عالية، أن الشعور بأن السود لا يبلغون أعلى المستويات في العلوم، يؤثر ببعض الطرق في نجاح السود في العلوم. وتشير الأبحاث إلى أن نماذج القدوة النسائية، يمكن أن تشجع النساء على مزاولة مهن في مجال العلوم، ويبدو أن الشيء ذاته ينطبق على السود. فوجود حائز أسود جائزة نوبل، سيُلهم المزيد من الطلاب السود لكي يصبحوا أساتذة، ممّا يُلهم بدوره مزيداً من الأشخاص السود لدراسة العلوم.
إن وجود مزيد من العلماء السود، لن يكون مجرد نصر للمساواة، بل سوف يفيد مجتمعاً أوسع أيضاً. وعلى سبيل المثال، فإن حالات مثل مرض السكري، وأمراض القلب، والسرطان وكثير غيرها، تحدث بمعدلات أعلى بين الأشخاص من الإرث الأسود أو الإفريقي. ومع ذلك، غالباً ما تكون الأبحاث منحازة إلى دراسة البيض. ومن شأن وجود مزيد من العلماء السود، ولا سيّما في المناصب القيادية، يمكن أن يجلب قدراً أكبر من التركيز، والفهم، والرؤى المختلفة لدراسة هذه الحالات. إذن كيف يمكن أن نزيد فرص العلماء السود، في أن يصبحوا حائزين لجائزة نوبل؟ لا يمكن أن ننتظر إلى أن يصبح لدى إفريقيا نفس السلطة السياسية والاقتصادية التي لدى آسيا. وإذ ننظر إلى الفائزات بجائزة نوبل وعددهن 49 امرأة، واللاتي منهن 21 فقط عالِمات، وثلاث فقط عالمات في الفيزياء، نرى تحدّياً مماثلاً. ولكن مع الشروع بالعديد من الحملات الناجحة، المدعومة بالعمل السياسي لزيادة عدد النساء في العلوم، وخصوصاً في المؤسسات الرائدة وفي المناصب القيادية، من المتوقع أن يزداد عدد الحائزات على الجائزة، زيادة كبيرة.

*معيد في علم الكيمياء الحيوية السريرية، في جامعة شرق لندن.
 موقع: ذي كنفرسيشن