هل اقتربت الساعة في الضفة؟

18-10-2018
عوني صادق

أكثر من 200 شهيد، وآلاف من الإصابات، حصيلة مسيرة العودة منذ بدايتها في 30 مارس/ آذار الماضي. ودائماً يقال، إنه رغم التصعيد الذي يحدث أيام الجمع، إلا أن الأوضاع على جانبي القطاع تظل «قيد السيطرة». ويعاد سبب ذلك إلى أن أحداً من الطرفين المعنيين («حماس» والحكومة «الإسرائيلية») لا يريد، حتى الآن، الانزلاق إلى حرب واسعة، لكن قبل أيام، وجّه نتنياهو تهديداً، فُهم منه أنه إن لم تلتزم «حماس» بالتهدئة حتى الجمعة (غداً)، فإن الجيش «الإسرائيلي» سيوجّه «ضربات قوية لمراكز الإرهاب»، ذلك يعني أن «الإسرائيليين» يكونون اقتربوا من ساعة «الحرب الممنوعة» حتى الآن.
الوضع في الضفة الغربية مختلف، والتحكّم فيه أكثر صعوبة، وفي الأيام الأخيرة تسارعت التطورات بشكل لافت، خصوصاً بعد تنفيذ عملية (بركان) الفدائية، التي قتل فيها المنفذ ثلاثة مستوطنين، وتمكّن من الهرب ولا يزال حراً. وقصة إخلاء (الخان الأحمر) لم تنته بعد، وتداعياتها مستمرة، وجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية تواصل عمليات الاعتقال والمداهمة، وهدم البيوت والمنشآت وفرض الحصار على قرى ومناطق عدة، واحتجاجات الأسرى تتواصل، وفوق كل ذلك تستمر المواجهات التي توقع في صفوف الفلسطينيين شهداء وجرحى، وأيضاً تستمر اقتحامات المسجد الأقصى، وعمليات مصادرة الأرض والاستيطان.
وقبل عملية (بركان) الفدائية، كان هناك من «الإسرائيليين» من رأى أن الضفة هي «الجبهة الأكثر تعقيداً»، بسبب «الاحتكاك اليومي بين مليوني فلسطيني ومئات الآلاف من المستوطنين، والحاجة للدفاع عن مئات المستوطنات وآلاف الكيلومترات من المحاور والطرقات»، وفق يؤاف ليمور- «إسرائيل» اليوم، في عددها الصادر 17-9-2018، وقد سبق لرئيس أركان الجيش «الإسرائيلي»، غادي إيزنكوت، أن حذّر في اجتماع طارئ للحكومة المصغرة عقد في 20 سبتمبر الماضي، من احتمال تصاعد العنف في الضفة، وقدر الاحتمالات بين 60-80% وأنها ستكون أكثر حدة من تلك التي في غزة (هآرتس- 21/9/2018).
وبعد عملية (بركان) أعرب مسؤولون في الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» عن مخاوفهم من تجدد انتفاضة الأقصى (أكتوبر 2015)، أو ما يسمونه (انتفاضة الأفراد). إلى جانب ذلك ذكرت صحف «إسرائيلية» عن خشية هذه الأجهزة من أن يؤدي العقاب الجماعي، الذي تلجأ إليه قوات الأمن إلى تقويض الجهود التي تبذل لمنع العمليات الفردية. بينما رأى آخرون أن العملية «بددت وهم التعايش بين الشعبين»، وعلى ذلك فإن «الصراع يجب أن يدار كما يجب أن يدار»، بيدٍ من حديد، في ظل استهداف للعدو، وبلا أخيلة عن حلول سحرية من الحب والأخوة والتعايش، بحسب رأي شلومو بتروكوفسكي في جريدة «يديعوت أحرونوت» في التاسع من الشهر الجاري.
بتروكوفسكي ليس وحيداً في رؤيته لإدارة الصراع، فهناك من يسير في الدرب نفسه، وهؤلاء وإن كانوا يخالفون ما تقوله أجهزة أمنهم، إلا أنهم يتفقون مع قادة المستوطنين، الذين لهم الباع الأطول والتأثير الأكبر في رسم سياسة حكومة نتنياهو، خصوصاً بعد إقرار «قانون القومية» الذي يرى كثير من «الإسرائيليين» أنه جاء تمهيداً لضم الضفة و«إعطاء شرعية قانونية لمخطط الضم»، وإذا ما أعاد «المجلس المركزي الفلسطيني» الذي أعلن عن موعد انعقاده في الثامن والعشرين من الجاري، وقيل إنه سيتخذ «قرارات مهمة» بالنسبة للعلاقة مع الدولة العبرية، يصبح المطلوب من هذه القرارات إعادة التأكيد على وقف العمل بما يسمى «التنسيق الأمني»، ولكن مع الالتزام بتنفيذه هذه المرة وتفعيله فوراً، عندها تصبح ساعة انفجار الضفة، واستئناف الانتفاضة الثالثة قد حلّت.
وإذا كان من المتفق عليه أن «الانقسام الفلسطيني» والخلاف المستحكم بين حركتي (فتح) و(حماس) وإجراءات السلطة الفلسطينية ضد غزة هو الذي أوقف ساعة (انتفاضة الأقصى) في حينه، فإن إلغاء «التنسيق الأمني» سيؤجل كل الخلافات الراهنة وسيفتح الباب أمام الانتفاضة. فهل من أمل أن تفهم السلطة الفلسطينية أنها أمام فرصة واقعية لإنهاء الاحتلال، إن كان فيما تقوله حول هذا الهدف، الذي يفترض أنه لا خلاف عليه بين الفلسطينيين، شيء من الجدّية؟.

awni.sadiq@hotmail.com