الورد جميل أحيانا..!

16-10-2018

في وقت القضايا التي تأخذ حيزا إعلاميا كبيرا تكون الكتابة عن أي شيء آخر مضيعة للوقت والجهد والمال ـ أعني مال الصحيفة بالطبع ـ ولكن الأمر ليس كارثيا فالوقت والجهد سيضيعان بكتابة المقال وبدونه، والصحيفة لديها الكثير من الأموال حتى وإن كانت تحاول إنكار هذه الحقيقة خوفا من أعين الحساد.

والأمر لا يشكل مشكلة كبيرة للذين لا يمتهنون الكتابة اليومية، يستطيع الإنسان ـ إن هو أراد ـ أن ينجو وألا يعلق في زحام الأخبار بقراءة كتاب أو مشاهدة فيلم أو حتى اللعب مع الصغار في فناء المنزل ـ إن وجد.

والحقيقة التي لا بد أن أواجهها هي أني أفتقد مهارة كثرة الحديث عن موضوع واحد، أنا ثرثار متعدد الاتجاهات، وحين أركز على مجال واحد أجد أن قدرتي على الثرثرة تتلاشى تدريجيا حتى تختفي.

ولعلها فرصة سانحة أن أدعو من هذا المنبر كل إنسان ليس مضطرا بحكم طبيعة عمله إلى متابعة الأخبار وقراءة الصحف ـ باستثناء مقالاتي ـ أن ينجو بنفسه، وأن يفر إلى هواياته وأن يعيش الحياة ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

وأظن ـ والله أعلم ـ أنه يوجد فارق بين «الاهتمام بالشأن العام» وبين «إفساد الحياة الخاصة». وهناك فارق بين أن تكون مفيدا للآخرين الذين لا تعرفهم وبين أن تكون ضارا لنفسك وللمحيطين بك.

والحقيقة أني أنتبه ـ أحيانا ـ لهذه المعضلة حين أجتمع مع عائلتي لكي نفترس كائنا آخر من شركائنا في الكوكب، وأجد أن نقاشاتنا تكون عن «الأخبار»، هذا مرض وليس اهتماما بالشأن العام. لو تحدثنا عن تاريخ الكائن الذي نلتهمه وكيف كانت حياته صعبة إلى درجة أنه انتهى إلى مائدة مجموعة من الكائنات البشرية تأكله وتتحدث عن القتل والحروب والكوارث الطبيعية والبشرية لكان أجدى من الحديث عن تاريخ ومشاكل كل الكائنات التي تعيش ـ أو تموت ـ خارج غرفة الطعام.

وعلى أي حال..

ليس من الضروري أن يكون لك رأي من الأساس، لكن إن ابتليت فاحتفظ به لنفسك، تأمل الطبيعة والورد والزنابق ـ إن وجدت ـ تأمل الحياة والكواكب والنجوم، ولا مشكلة أن تشتكي من الطقس أحيانا وتتحدث عنه بإسهاب في أحيان أخرى، سيكون ذلك مجالا رائعا للثرثرة التي لا تجعل الآخرين يصنفونك ولا تفسد عليك تفكيرك لأنك تعلم قبل غيرك يقينا أنها مجرد «سوالف» لن تكون سببا في تغيير اتجاه الريح ولا تغيير درجة الحرارة. ولن يتهمك أحد بأنك تحرض الغبار ولا بأنك تسيء إلى السيول.

agrni@