العربية لغة القرآن ولغة أهل الجنة

15-10-2018

د. عبدالله راشد السنيدي

تعتبر اللغة العربية من أهم اللغات في العالم ويتحدث بها أكثر من 400 مليون نسمة، وأول من تحدث بها سيدنا إسماعيل عليه السلام قبل ثلاثة ألاف سنة، وهي وإن كانت لغة خاصة بالعرب إلا أنها لغة ذات أهمية لكل مسلم باعتبار أن القرآن الكريم نزل بها ولا تتم الصلاة، وهي الركن الثاني في الإسلام،إلا بها.
واللغة العربية هي اللغة الرسمية في سائر الدول العربية، كما أنها لغة رسمية في تشاد وارتيريا وإسرائيل،وإحدى اللغات الرسمية الست في هيئة الأمم المتحدة. وتعد من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية، فمثلاً يضم معجم لسان العرب أكثر من 80 ألف كلمة، بينما قاموس صموئيل جونسون في اللغة الإنكليزية يحتوي على 42 ألف كلمة فقط.
يطلق على اللغة العربية ” لغة القرآن ” لكون القرآن الكريم نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللغة العربية.كما يطلق عليها ” لغة الضاد ” لكون الضاد خاصا بالعرب ولا يوجد في لغات أخرى إلا في القليل، إلا أن الضاد المقصودة ليست التي تستخدم اليوم في الفصحى، فالضاد العربية القديمة كانت مزيجاً بين الضاد واللام قبل أن تتحول إلى دال مفخخة حالياً و الموجودة في لغات عدة.
تنتمي اللغة العربية إلى أسرة اللغات السامية التي تضم الأكادية والكنعانية والآرامية والصيهدية، ويقال إن اللغة العربية أقدم من العرب أنفسهم، وقيل أنها لغة آدم عليه السلام في الجنة قبل أن يخرج منها، وقيل أن أول من نطق بها هو يعرب بن قحطان، وقيل بل إسماعيل عليه السلام، ولكن الرأي الذي أجمع عليه علماء اللغة المعاصرون أن اللغة العربية هي لهجة قريش،بدليل أن القرآن الكريم نزل بها، والرسول محمد عليه الصلاة والسلام عربي قرشي هاشمي، وقد ساهمت الفتوحات الإسلامية بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام في نشر اللغة العربية في بلدان كثيرة خارج جزيرة العرب.
مرت اللغة العربية بحالة ركود بعد اجتياح المغول بقيادة هولاكو خان الشرق العربي في القرن الثالث عشر الميلادي، وأخذت بالانحسار في الأندلس مع تمكن الأسبان من استرجاع البلاد وقتل أو نفي سكانها من المسلمين. كما أخذت أهمية اللغة العربية تتراجع بعد أفول الاكتشافات العلمية العربية وبدء انتقال شعلة الحضارة إلى أوروبا.
إلا أنه بعد ركود سيطر على اللغة العربية لمدة 400 سنة بدأت هذه اللغة بالانتعاش من خلال الحراك الثقافي في مصر والشام المتمثل في ارتفاع مستوى التعليم وإنشاء المطابع وصدور الصحف باللغة العربية، وظهور الجمعيات الأدبية وبروز الكثير من الأدباء والشعراء الذين ساهموا في إحياء اللغة العربية الفصحى كأحمد شوقي، وأمين الريحاني، وجبران خليل جبران، وناصيف اليازجي، وبطرس البستاني الذين أسسو القواميس والمعاجم الحديثة، مثل دائرة المعارف وقاموس محيط المحيط، إضافة إلى وضعهم المؤلفات في مختلف فنون المعرفة بعد الترجمة والاقتباس من روائع الفكر الغربي. كما أن تأسيس الصحافة العربية كان له دور في إحياء الفكر العربي، إلى جانب الدور الذي قامت به في هذا الصدد مدارس الفكر العربي كمدرسة أدب المهجر.
من جانب آخر لا يعني اتجاه العالم بعد انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي إلى نظام الكون الواحد وانتشار اللغة الإنكليزية في كثير من دول العالم، بما فيها البلدان العربية،لا يعني التقليل من أهمية اللغة العربية، فهي لغة القرآن الذي تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه حتى قيام الساعة”إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون” الآية 9 من سورة ” الحجر ” ما يعني أن المستقبل والعاقبة لهذه اللغة والمتحدثين بها وهو الأمر الذي يتطلب منهم احترام لغتهم والاعتزاز بها في دولهم وفي الخارج.
ومما يتعارض مع ضرورة التقيد باللغة العربية والاعتزاز بها ان البعض منا عند إلقائه كلمة أو محاضرة في أحد المؤتمرات أو الاجتماعات باللغة العربية أو عند حديثه في المجالس الخاصة، يضمن كلمته أو حديثه بعض الكلمات الأجنبية، مع أن ذلك ليس ضرورياً، بل يمكنه استخدام كلمات أو مصطلحات عربية مماثلة لتلك الكلمات أو المصطلحات الأجنبية التي أوردها في كلمته أو محاضرته أو حديثه، وذلك حتى لا يفهم بأن من يسلك ذلك لديه شعور بالنقص تجاه لغته واعتزاز بلغة الآخرين.

كاتب سعودي