مسؤول أو روبوت؟

21-09-2018
ابن الديرة

القانون هو القانون والنظام هو النظام، وهما محترمان وفوق الجميع، لكنهما في الوقت نفسه، ليسا أوراقاً صماء وبنوداً جامدة، فهناك ما يلمس فيهما ويحس ويتناول بأداة الروح لأنه متصل بروح النص، نص النظام أو القانون، فماذا عن تحقيق تلك المعادلة الأجمل، معادلة الشكل والمضمون من جهة، وروح النص وروح القانون من جهة ثانية؟
لو كانت التشريعات والأنظمة بالجمود الذي يدعيه أو يحاوله البعض، البعض الكثير للأسف، لما كانت هناك حاجة للعقول المفكرة المدبرة، وكان وجود وعدم وجود المسؤولين والموظفين المعنيين بالتطبيق سواء بسواء، فلماذا يتصرف ذلك البعض في بعض الوزارات والدوائر والمؤسسات على المستويين الاتحادي والمحلي وكأنه آلة صماء أو روبوت؟
حتى الروبوت موصوف بالمهارة والذكاء، بل الذكاء الخارق في بعض الأحيان، لكن هؤلاء لا يمتلكون المهارة ولا الشجاعة، كونهم أسرى الحيرة والارتباك في مواجهة كل مستجد، وحين يعودون إلى القانون أو النظام يذهبون أشواطاً بعيدة في المبالغة والتعقيد وسوء التفسير، ديدنهم التصعيب والتعطيل والإحياء المستمر لغول الروتين وكأن هذه هوايتهم المفضلة. نعم وجد القانون والنظام، ووجدت القرارات الملزمة، وهي محل التقدير والاحترام بطبيعة الحال، لكن، بالتوازي والتزامن، وجدت التراتبية الوظيفية، ووجد اختراع أزلي أبدي اسمه حسن التصرف، والنظر في المستجدات مهما بدت صعبة أو غير مسبوقة بعين الحكمة والعقل، وبمرونة ميزت وتميز الأداء الحكومي في الإمارات، خصوصاً وهو يطمح للتقدم إلى الأمام تلبية للطموح الوطني العام، واستحقاقات المرحلة المقبلة.
من المسؤول عن تحقيق معادلة النص الصامت والروح الناطقة، حيث الروح قلب ولب وجوهر؟ الكل مسؤول خصوصاً من هم المراتب العليا، الوزراء ورؤساء الدوائر ومن في حكمهم، وهم معنيون بتدريب وتأهيل فريق العمل حتى يصبح قادراً على الإسهام في تحقيق تلك المعادلة الكفيلة في إحياء العمل الحقيقي والجاد، وهل جدية أو إتقان أو نجاح من دون روح؟
التمسك بالقانون والنظام وقرار مجلس الوزراء والقرار الوزاري لا يعني فقط التمسك بالنص الظاهري دون الفهم الأعمق والاستيعاب الأبعد، ووجود التراتبية بين المسؤولين والموظفين تعني، في ما تعني، أن الأنظمة تتيح لكل منهم، حسب موقعه، صلاحيات تضيق وتتسع، ومن الطرائف المريرة التي تندرج تحت عنوان «ولكنه ضحك كالبكا» إعادة المراجع دائماً إلى المربع الأول بل الموظف الأول، وهو في الأغلب، الأقل في العلم والخبرة، أي إعادته إلى تفسير واحد أحادي للتشريع، يقف عند ظاهر النص دون معرفة روحه ومقاصده، مما يفتح أبواب الظلم وعدم المساواة بسبب تعنت هذه الفئة من المسؤولين والموظفين.
فإلى متى؟
الأمر، بالمناسبة، يقترب من الظاهرة، ومتوفر بكثرة في قطاعات عريضة، وقد يطال في الإدارة قاعدة أو سفح الهرم أو قمته لا فرق.
اللهم هل بلغت؟

ebnaldeera@gmail.com