قضايا لا تقبل التجانس القسري !

19-09-2018
خيري منصور

رغم كل ما سمعناه من تراشق كتابنا ومثقفينا بحيث بدأت المعارك دونكيشوتية بامتياز، إلا أن وراء كواليس هذه المعارك ما يجزم بأن لها صفات أخرى؛ لأن البعض يسارعون إلى تصنيف المعارك وفق معايير أخرى، تحركها عوامل ليست محلية أو إقليمية فقط.
لهذا فإن ما سمعناه منذ طفولتنا عن تراشق الأدباء والنقاد لمنجزات لغوية تجعل الملاكمة هي الأدق في مشاهد كلامية، إلا أن هناك حدوداً لا يمكن الإفلات من أطرها، ولكل حرب مفرداتها ومعجمها، لهذا لم يكن صعباً استغلال مفردة الهجاء الحربي أو حتى العربي، ومنه على سبيل المثال ذلك المنهج اللامبالي الذي يلقي فيه خارج التصنيفات.
لا تستطيع مؤسسة عربية أو غير عربية أن تحشد كل ما كتب عن القدس في ليلة واحدة؛ بحيث يبدو ما كتب لو أنه تفرغ لصاحب القضية، واعتنى بأدق التفاصيل، وإن أي بحث جاد واستراتيجي لا يستطيع الاستغناء عنها من معلومات واستنتاجات.
والحقيقة ليست كذلك، فقد استمعت إلى أكثر من مثقف أمريكي وأوروبي في هذا المجال؛ لأن كل القدس مثلاً أو الضفة الغربية لا يكفي تجانسها النفسي أو تقاربها أحياناً لخلق حيثيات، خصوصاً إذا كان هناك من التباعد الزماني والإيديولوجيا ما يؤهل الباحثين إلى التمحور حول قضية واحدة، كأن تكون عودة اللاجئين أو ما يُسمى ظاهرة التوطين يهجع قليلاً في الذاكرة السياسية العربية ثم تعود.
إن تفاصيل القضية الفلسطينية وهي ذات دلالات بالغة التعقيد مهددة بالتجانس القسري.

khairi_mansour@yahoo.com