نصير الكتّاب

19-09-2018
د. عارف الشيخ

الكُتّاب والأدباء والمثقّفون عموماً في الإمارات بخير، طالما أن القيادة العليا مهتمة بشؤونهم الفكرية والأدبية والثقافية وغيرها مما يرفع قدرهم وقدرتهم ومعنوياتهم وإنتاجهم.
ولا أدل على صحة ما أقول مما سمعناه بالأمس من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في لقاء سموّه مع رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات.
كان الملتقى هيئة الشارقة للكتاب في إمارة الشارقة، والمُلتقون بسموّه كان على رأسهم الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، وأحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، ومحمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة في الشارقة، والشاعر حبيب الصايغ رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب.
في هذا اللقاء تناول صاحب السمو بالحديث عدّة أمور تتعلّق بالجانب الثقافي في الإمارات، وسموّه عندما يتحدّث عن الثقافة يتحدث كشخص متشرّب بالثقافة والعلم والمعرفة غير متطفل عليها، فهو بالدرجة الأولى الحاكم المهتم الأوّل بشؤون ثقافة المجتمع.
وهو العالم والأديب والباحث والكاتب والمؤلِّف والمؤرِّخ الغيور المؤتمن على الموروث الديني والتاريخي والاجتماعي والتربوي، يعرف كيف يتحدّث عن الثقافة، ويعرف من أين يبدأ المسيرة إذا أراد أن يُثقّف أبناءه.
لذلك فإن سموّه بدأ بغرس الثقة أولاً في المثقَّف الإماراتي ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، وقال إن أبناء المجتمع هم موضع فخره، ومحط الإشادة بدورهم في المحافل العالمية.
وأشار سموّه إلى أن الثقافة تشغل حيِّزاً كبيراً في فكره، لأننا بالثقافة النظيفة يجب علينا أن نواجه أخطار الثقافات الدخيلة علينا من كلِّ صوب، والمهدِّدة لنا بالانقراض والذوبان، إذا لم نحافظ على هُويِّتنا وثقافتنا.
وهنا أشار إلى أهمية دور اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الذي لا ينتهي دوره في جمع عدد من الأدباء والشعراء في «ديوانيّته» كل مساء لمجرد الالتقاء، ولاحتساء كوب من الشاي أو القهوة، بل لا بد أن يكون للاتحاد دور إيجابي في تثقيف جيل اليوم، وتوعيتهم بدورهم في غرس القيم والمثل العليا.
كما أنه على اتحاد الكتّاب أن يُحبِّب القراءة إلى الجيل الحاضر الذي انصرف عن القراءة، واشتغل بالمرئيات الضارة بفكره، والمُتلفة لعيونه وأعصابه.
وعندما يُنادي سموّه بتَحبيب القراءة إلى النشء، يريد بذلك قراءة الكتاب المفيد للشخص في تكوينه العقدي والعقلي والتربوي والاجتماعي والنفسي والرياضي، وإلا فما أكثر الكتب وما أكثر القرَّاء، لكنهم يخرجون من المكتبة كمن لم يقرأ.
ولفت سموّه الأنظار إلى ضرورة إحياء معرض بيروت العربي والدولي للكتاب لأهميته على مستوى الوطن العربي، وبيروت وما أدراك ما بيروت، وقد قيل قديماً: القاهرة تؤلّف، ولبنان يطبع، والعراق يقرأ.
وبالمناسبة فإننا بعد نجاح معرض الكتاب في الشارقة دولياً، يحقّ لنا أن نقول بكل فخر وبكل تواضع: «الشارقة أو دولة الإمارات اليوم تقرأ».
وفي هذا المجال تحسن الإشارة إلى ما أورده الكاتب السياسي الدكتور عبدالخالق عبدالله في كتابه القيّم «لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر» حيث قال: «أصبح المواطن الخليجي قارئاً ومبدعاً، ويعود إليه الفضل في وقف تدهور وضع الكتاب العربي الذي تشير المعطيات إلى أنه يعيش أفضل حالاته».
ثم يعرض الدكتور عبدالخالق إحصائية بترتيب معارض الكتب الخليجية، فيأتي معرض الشارقة للكتاب في المرتبة الأولى.
وهنا أُسجّل شكري وامتناني لصاحب السمو حاكم الشارقة، لأنه كان صاحب هذه المبادرة وهذا الفخر، عندما أسَّس معرض الشارقة للكتاب عام 1982، ولايزال المعرض في صعود مستمر ونحن في عام 2018.
إذن فإن مبادرات سموه متعدّدة ومستمرة، ولن تقف عند تأسيس معرض الكتاب، ولا عند تأسيس بيت الشعر في لبنان أو غيره من الدول.
وإن صاحب السمو حاكم الشارقة باعتباره قارئاً نهِماً ومؤلّفاً قديراً، وصل شغفه وطموحه إلى حدّ أن يُنشئ مَجمعاً للغة العربية في الشارقة، يهتم بالمفردات الخاصة ببيئة الإمارات، وفيما أظن أن هذا لأول مرة يحصل في الإمارات.
أجل... فلنشكر سموّه على اهتمامه بالمجتمع وتوفير الحياة الأفضل لأفراد المجتمع، وتلبية متطلباتهم في الشارقة من خلال دراسة الواقع والبحث الميداني ومتابعة ملفات المواطنين مباشرة من قبل سموه ومن قبل حرم سموه الشيخة جواهر.
كما نشكره على إعطاء جزء من وقته الثمين لإصدار هذا الكم من المؤلفات التي تهتم بالشعر والرواية بالأخص، وما أجمل الرواية إذا صيغت من خلال قالب فني روائي.
أقول وإنني إذ أشكر صاحب السمو على اهتمامه باتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، أشكر صديقي الشاعر حبيب الصايغ على دوره في تطوير عمل اتحاد الكتّاب، فهو لا شكّ الشخص المناسب في المكان المناسب.