طاقات دفينة

19-08-2018
شيماء المرزوقي

كثير من العلماء يقولون بأن كبار السن يملكون طاقات دفينة وإمكانيات ذهنية عالية غير مستخدمة، وكأن لديهم طاقة احتياطية، نجح في المحافظة على حيويتها وبقائها جهاز المناعة القوي في جسد الإنسان.
وهذه الطاقة الاحتياطية التي لم تُستخدم تحتاج للفرصة المواتية للتعبير عن فعاليتها وحضورها، ولكن الذي يحدث هو تجاوزها وعدم منحها المجال الكافي للظهور والاستفادة منها.
وتتمثل مثل هذه الحالة عندما نحكم على من تقدم في العمر بالتوقف وكأننا نوجه له رسائل متوالية واحدة بعد الأخرى نقول له فيها: توقف! هذا يكفي، أو أن نقول: لقد انتهى دورك، أو القول: لم تعد قدراتك كافية...إلخ من الممارسات التي تشير لمثل هذه الحالة. وقد لا يتم توجيه تلك الرسائل بمثل هذه المباشرة والوضوح لكننا نوجهها وبنفس الوتيرة وقد تكون بقسوة أكبر من خلال تجنيبهم العمل ومحاولة إبقائهم على فراشهم في المنزل تحت بند الخشية والخوف عليهم ومن خلال سحب أي عمل يمارسونه والادعاء بأنه لم يعد يناسب السن التي يعيشونها. ولأكون أكثر تحديداً، فإن مثل هذه الممارسة تتم في الأسر، حيث يتوجه الأبناء لممارسة دور الحماية المبالغ فيها والعناية التي تشبه السجن في حق أمهاتهم وآبائهم، فلا يريدون أن يقوموا بأي عمل، وفي اللحظة نفسها يتجنبون الجلوس معهم بحجة عدم إزعاجهم، فيفقد كبير السن حيويته وتفاعله، فهو يشعر دائماً بأن خبراته ومعارفه لم تعد لها أي قيمة ولا يوجد من هو مهتم بها وبمعرفتها، وكأن الجميع ينتظرون وفاته.
في هذا السياق كثيرون يجهلون أن كبار السن تزداد حساسيتهم ورهف مشاعرهم مع تقدمهم في العمر، فتظهر على وجوههم علامات الذهول والاستغراب مع أدنى درجة في التعامل أو عند التحدث معهم، وهو ما يؤشر لأهمية الوعي التام بالكيفية التي يمكن فيها التعامل مع هذه الفئة الغالية علينا جميعاً.
لنتذكر جميعاً أن أمهاتنا وآباءنا يملكون طاقات دفينة وحماساً كبيراً للمشاركة والتفاعل مع مختلف شؤون حياتنا، فبحجم الحب والتقدير والاحترام لهم لنمنحهم هذه الفرصة ولنؤمن بقدراتهم ولنؤمن بأن دورهم مازال قائماً ومستمراً، وهو دور لا يمكنهم القيام به دون الدعم والتشجيع ومنحهم المسؤولية التي تشعرهم بأهميتهم وأيضاً بحضورهم في حياتنا. هذه المهارة على درجة عالية من الأهمية يجب أن نتعلمها ونمارسها مع كبار السن دون استثناء.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com