أغلال الاحتلال تكبل القدس

19-08-2018
علي قباجه

ما زالت «إسرائيل» تُمارس القتل والسرقة..؛ في ظل عالم منشغل عن جرائمها، وعرب حيّدوا القضية الفلسطينية عن قاموسهم اليومي؛ لانشغالهم بما يحدث في بلدانهم، حتى باتت القضية الفلسطينية تمر على الشريط الإخباري مرور الكرام، لا يأبه أحد بها، وبما يتجرعه أهلها من الويل والعذاب.. على يد سجانٍ مجرم؛ تجرد من معاني الإنسانية كافة، ووجه بنادقه لتلك الصدور العارية، التي أضناها الجوع والحرمان؛ بعد حصار خانق، سلب من أهل البلاد الأصليين أبسط مقومات الحياة، وجعلهم فريسة للقهر وضنك العيش؛ فخرجوا ينشدون الحرية، وينبذون الظلم، وهم يحملون رايات الكرامة والإباء؛ شعارهم أن الفلسطينيين لم ولن يموتوا؛ رغم السنوات العجاف، التي مرت بهم، ولن يتنازلوا عن تراب وطنهم، ولن يرفعوا رايات الاستسلام.
فها هو الأقصى الجريح، الذي تكبله العنصرية «الإسرائيلية»، أغلقه الاحتلال، تحت ذرائع واهية؛ فتارة يستغل تصدي المرابطين في المسجد، للمستوطنين الذين يدنسونه، وتارة أخرى يغلق بعض الأبواب؛ لمنع دخول المصلين منها، في محاولة لفرض أمر واقع عليهم؛ للاستحواذ التام عليه؛ ليكون حصراً للمستوطنين، وفي مرات كثيرة يغلق الأقصى، ويمنع الأذان، فضلاً عن اقتحامه وتدنيسه والاعتداء على المتعبدين فيه.
ومؤخراً، زعمت «إسرائيل» أن شاباً فلسطينياً حاول تنفيذ عملية طعن في القدس، ولم تتوقف عند إعدامه؛ بل انتهزت الفرصة؛ لوضع أغلالها على الأقصى، وإغلاقه بشكل كامل، وإجبار التجار على إغلاق محالهم، وقدر رأت في العملية المزعومة فرصة مُثلى؛ للتضييق على الفلسطينيين بجميع مناحي حياتهم؛ سواء بملاحقتهم في عباداتهم أو في قوت يومهم، وهذه سياسة ممنهجة متبعة منذ ردح من الزمن انتهجها الاحتلال؛ لإفراغ المدينة من ساكنيها.
وأمام هذا الإصرار الفلسطيني على رفض الاحتلال وإجراءاته في القدس، وعموم الأرض الفلسطينية، لم تجد «إسرائيل» غير التنكيل والإجرام سبيلاً بحق كل ما ينبض بالدم الفلسطيني؛ فمن تدمير للأبنية إلى سرقة الأراضي وتهجير أصحابها إلى قطع أشجار الزيتون في رسالة للعالم أجمع؛ مفادها أن الزيتون رمز السلام والمحبة، لم يسلم من عدوانها وصلفها. ف«إسرائيل» وزعت جرائمها على مراحل ثلاث؛ فغزة أطبقت عليها حصاراً خانقاً؛ حرمت فيه سكانها من الحياة؛ في محاولة لإذلالهم وتركيعهم، والضفة سرقت الأراضي من أهلها؛ لتأتي بشذاذ الآفاق فتغدق عليهم مما سرقته، أما من يسكن داخل الأراضي، التي تقع تحت سطوتها بشكل كامل، فجردتهم من كافة حقوقهم؛ متخذة ذرائع واهية؛ لتسلبها منهم.
مواجهة هذا الصلف «الإسرائيلي» له في فلسطين أولئك الرجال، الذين وهبوا الروح رخيصة؛ كُرمى عيون فلسطين، إلا أنهم يحتاجون لما يدعم صمودهم، وهذا الدعم ينبغي أن ينطوي على جانبين؛ الأول أن تتوحد الرؤية الفلسطينية نحو المحتل، والثاني وقفة عربية جادة؛ تدعم المُرابطين مالياً ومعنوياً، وإلا فإن تلك الدماء الغالية، التي ارتوت فيها الأرض الفلسطينية ستذهب سدى، لاسيما وأن «إسرائيل» ومعها أمريكا تسعيان لتمرير «صفقة القرن»، وإسكان عشرات الآلاف من المستوطنين بدلاً من سكان الأرض الحقيقيين؛ في محاولة لتهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين..

aliqabajah@gmail.com