لا بُدَّ مِنْ تطهيرِ البلدِ أولاً قراءة بين السطور

18-08-2018

سعود السمكة

مجلس الأمة الحالي بكل المقاييس يمثل ذروة الفساد والانحراف عن الحدود الدنيا للنظام الدستوري وللمبادئ الديمقراطية، وإن العمل معه يستحيل مع أي حكومة مهما كانت قدراتها على الاداء الصحيح، ومهما كان لديها من نوايا الاصلاح متوفرة و من خلال هذه الثقافة التي أصبحت سائدة في أوساط المجتمع، وهذا الفهم الجاهل لوظيفة، وأداء عضو مجلس الأمة من قبل الناخب الكويتي لن يحصل البلد إلا على مزيد من الفساد والخراب، ومضيعة الوقت، في الوقت الذي تتصاعد فيه جهود الدولة العصرية في العالم الى آفاق الانتصارات في القدرة على الابداع مما يمكنها من الوصول للمزيد من نجاحات واكتشافات كل ماهو جديد يحقق لها قوتها ومنعتها ورفاه شعوبها.
أكاد أشك، بل أراه يقيناً أنه لا يوجد مواطن كويتي صادق مع وطنه، ومحب لتطوره وتحسين أدائه وينشد له مستقبلا واعداً لا يقر بأن مجلس الأمة وما يمثله من انحراف وفساد فاقا كل الحدود وانه غدا السبب الأول والرئيسي المعيق لأي عملية تطور للبلاد في أدنى حدودها، بل لم يمر على الكويت في سياق تاريخها البرلماني، ومنذ أن تسيدت المشهد المعارضة المضروبة، وظهيرها تنظيم الأخوان المسلمين أداءً فاسداً ومنحرفاً كهذا المجلس ، وبالتالي فإن البلد سوف يبقى يتخبط في ظلام دامس بسبب هذا الداء السرطاني المسمى اليوم عبثا مجلس الأمة.
إن الديمقراطية التي نتحدث عنها في بداياتها حين كان يقودها الفرسان والقامات الوطنية العالية وأهل الصلاح الذين تسكنهم الضمائر المتقدة بالحماسة على السير بوطنهم نحو مزيد من النجاحات والانجازات، ومزيد من الرقي والابداع والتنمية السياسية لمجتمعهم تنمية نحو مزيد من المفهوم المتطور للديمقراطية، لم تعد موجودة نهائيا ولم يبق منها شيء اليوم الا العنوان الذي أصبح يمارس باسمه الفساد، وتنتهك باسمه الحرمات، وتزور باسمه الشهادات، ويطالب باسمه بتقييد سلطة القانون، وباسمه تتعالى أصوات حماية الذين انتهكوا حرمة الهوية الوطنية، واستباحوها من خلال التزوير!
إنني هنا أتحدى كل من يزعم أننا أمام ديمقراطية حقيقية يرتجى من ورائها واحد أو حتى صفر في المئة من الاصلاح، وينكر اننا امام ديمقراطية تمارس فيها جميع الموبقات واشكال التزويرات والفساد، وحين اقول: أتحدى فأنني لا اقصد من صنع لنا هذه الوجوه الكالحة التي تتسيد اليوم مقاعد البرلمان، بل اقصد أهل الكويت الحقيقيين ابناء من أقاموا أساساتها من عوائل وقبائل سنتهم وشيعتهم، حضرهم وباديتهم، ولا أقصد المزدوجين والمزورين والمحتالين لأنني على يقين أن أحداً من هؤلاء غير راض عن الوضع اليوم الذي تمارس فيه مثل هذه الديمقراطية الكسيحة الغارقة بوحل الفساد والافساد، فأهل الكويت، حكاما ومحكومين، يرفضون بالمطلق ما يجري في بلدهم اليوم من انحدار غير مسبوق يسعى بوضوح واصرارإلى الذهاب بالبلد نحو حافة الانهيار!
من هنا أتمنى ان يتوقف هذا العبث الذي يمارس بالبلد باسم الديمقراطية، واكررالقول: ان هذا التمني يسكن قلب كل مخلص ومحب لهذا الوطن وغيور على مصلحته نعم الديمقراطية أجمل وأرقى نظام حكم عرفته الانسانية، فهو نظام سواسية في القانون وعدالة اجتماعية، وفصل في نظام عمل السلطات واحترام للعمل وتقديس للمسؤولية وفي الوقت الذي تفقد فيه الديمقراطية كل هذه العناصر كما هو حاصل عندنا اليوم فانها تصبح الطريق الأقرب للانهيار ولا اعتقد ان هناك كويتيا واحدا يعشق الكويت يقبل لها ان تستمر بهذه الطريق حيث تقوده مؤسسة تشريعية فاسدة حتى النخاع!
إن جملة ” نحتاج ان نتوقف للتأمل ” التي قيلت في اغسطس عام 1976 نحن اليوم نحتاجها كضرورة ملحة لنطهر البلد من كل الملفات المتورمة التي من خلالها تدمرت ثقافتنا التي كنا نتباهى بها امام العالم، ونراجع ما نحن بحاجة الى مراجعته من مواد دستورية او لائحية حيث الوضع السياسي لم يعد يطاق وبعد مراجعة وطنية دقيقة وبعد ان تطهر البلد من الفساد والفاسدين والمزورين وقتها نبدأ بعودة الديمقراطية على أرض صلبة خالية من أي انحراف.