العمل الإنساني ..ثقافة ونهج

18-08-2018
في هذه اللحظات من كل عام يحتفي العالم بمناسبته السنوية التي خصصت للعمل الإنساني. هناك في العديد من بقاع الأرض مناطق منكوبة أثقلتها الحروب والأحداث والصراعات، ومناطق فقيرة نائية، تتضاعف فيها حالات إنسانية لم تصلها يد العون والمساعدة ولم تشملها احصائيات المنظمات والجهات الدولية لتنتشلها من براثن الألم والمعاناة، لظروف قاهرة عزلتها في عالم خاص مجهول منكوب.

في الكثير من أماكن هذا الكوكب كم من الأطفال الذين حرموا بسمة الحياة وأمل المستقبل ونساء وشيوخ ورجال قهرتهم النزاعات وجمدت عطائهم قسوة الظروف.. لنشكل بإنسانيتنا الأمل لألئك البعيدين عن عدسات العالم ونضاعف جهود البحث عنهم وإغاثة لهفتهم بمدهم بسبل الحياة بما تمليه علينا أخلاقنا وقيمنا وديننا الحنيف.

الأرقام الدولية المتعلقة بالحالات الإنسانية من فقراء ولاجئين ومنكوبين متغيرة باستمرار ويغلفها صورة سلبية كونها مهيبة تتحدث عن ملايين الأطفال المحرومين، منهم من يقطنون في مخيمات اللجوء ومنهم من يصارعون الحياة في أماكن النزاع والفقر والمجاعات، لتكون المجتمعات هي الخاسر الأكبر لجيل البناء والتعمير .

لا نريد أرقاماً عابرة تقف عندها دقة المعلومات لكننا نبحث عن تحويل المأساة الإنسانية من رقم إلى برامج انقاذ لا تتوقف على تقديم المساعدات المادية للمحتاجين والمحرومين وإنما تشمل أدوات تنمية اقتصاد مستدام لهم ولمجتمعات منكوبة وهي مسؤولية تقع علينا جميعا وحق لتلك المجتمعات في العيش كريم .

ربما هناك الكثير من أصحاب الضمائر والمؤسسات الإنسانية التي لامست معاناة الآخرين وهبت لنجدتهم وحشدت الجهود الدولية لمناصرة الضعفاء والمحرومين إلا أن المعاناة في العالم مستمرة وما زالت الأعداد الباحثة عن النجاة تتضاعف عدا فئات مجهولة الظروف والمصير ...

ونشير هنا إلى أهمية الدبلوماسية الإنسانية في تسريع عمليات الإغاثة وتفعيل شراكات العمل الإنساني بين المجتمع المحلي والدولي وزيادة فرص الوصول إلى صانعي القرار والتعاون معهم لرفع معاناة الضعفاء والمحتاجين وتلبية احتياجاتهم كما جاء في أهداف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

ونؤكد أهمية الإعلام ودوره الإنساني في التوعية بقضايا المجتمعات المنكوبة ونذكر هنا العديد من الصحفيين الذين بذلوا أرواحهم في سبيل العمل الإنساني ومنهم من شاطر منكوبي الحروب والظروف القاهرة محنتهم لينقلوا وجعهم إلى العالم بصورته الحقيقية بعد أن تذوقوا قسوة تلك الظروف والمعاناة تلبية لنداء الانسانية.

ولا بد ونحن نجتمع في يوم العمل الإنساني على حب الخير والعطاء الإنساني من الوقوف على العديد من الفئات الاجتماعية التي تكون بأمس الحاجة لمساعدتنا ودعمنا وقد تكون بيننا دون أن ندرك احتياجاتها الإنسانية ، فالعمل الإنساني يمتد ليشمل يد حانية وكلمة طيبة وقلب ينبض بمحبة الآخرين، ونذكر في هذا السياق الأشخاص من ذوي الإعاقة والمسنين وغيرهم من الأشخاص الذين هم بأمس الحاجة لقربنا وحمايتهم ونشر السعادة الإنسانية بينهم .

في دولة الإمارات العربية التي جعلت من العمل الإنساني ثقافة مجتمعية بنيت على حب العطاء، هناك نهج إنساني أسسه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ، وسار على دربه حكام دولة الإمارات حفظهم الله ورعاهم ليندمج العمل الإنساني ضمن برامج التنمية وتعم مبادرات دولتنا الإنسانية العالم أجمع من شرق الأرض وغربها تلبية لنداء الواجب الإنساني.

وانطلاقاً من ذات النهج فإن إمارة الشارقة شكلت نموذجاً في العمل الإنساني قدوته راعي الإنسانية، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس مؤسسة القلب الكبير المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وهنا لا بد من ذكر الدور الكبير والمهم لمؤسسة القلب الكبير التي تشكل انعكاساً لرسالة العمل الإنساني في الشارقة، وتمكنت بمبادراتها القيمة والنوعية من إعادة البسمة إلى فاقديها، ورفع معاناة الكثير من المحرومين والمنكوبين وتفعيل طاقاتهم نحو العمل والإنجاز ، ونتمنى من جميع الأشخاص والجهات ومؤسسات القطاعين العام والخاص تلبية نداء العمل الإنساني ومساندة برامج المؤسسة وأهدافها الرامية إلى مساعدة الضعفاء والمحرومين.

وختاماً فإننا نتوجه بخالص التحية لكل يد بيضاء ساهمت في إنقاذ أرواح وكفكفت دمعة طفل منكوب، وأعادت الأمل للمحرومين ولكل من يعمل على صون الحقوق والتصدي لأزمات الإنسانية.

وعلينا جميعا مضاعفة الجهود نحو كسر حواجز عزلة الضعفاء والمحرومين وتشريع أبواب الحياة لمن حرمتهم ظروفهم القسرية لذتها وجمالها.