صناعة السيارات والاستراتيجية الصناعية

17-08-2018

إعلان وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية يوم الأحد الماضي، أن المملكة بصدد تطوير مدينة لصناعة السيارات هو بداية خير إن شاء الله، فهذا الإجراء من شأنه المساهمة في تحقيق رؤية 2030، فدعم الصناعة التحويلية هو خير مدخل لإعادة هيكلة الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، فكما تدل التجربة فإن القطاع الصناعي لا يتطور بعيدًا من تلقاء نفسه، فهو يحتاج إلى حوافز تعوض المستثمرين فيه عن المصاعب وطول الدورة التي يستغرقها رأسماله، والتي تصل إلى عدة أعوام، قبل أن يغطي المشروع ما تم إنفاقه عليه، ففي المملكة لولا الدعم الحكومي عبر صندوق التنمية الصناعية لما وصل هذا القطاع إلى ما هو عليه الآن.

ورغم ذلك فإن مساهمة الصناعة التحويلة في الناتج المحلي الإجمالي لا تزال ضئيلة ولا تتعدى 13 %. وهذا يعني أن الدعم والتسهيلات الحكومية المقدمة لهذا القطاع ليست كافية، وهذا ربما يعود إلى غياب استراتيجية وطنية للصناعة، أو بالأصح عدم تفعيل الاستراتيجية الوطنية للصناعة المقرة سابقًا، ولذلك يفترض الاستعجال في إنجاز الاستراتيجية الجديدة الجاري إعدادها، فهذه الاستراتيجية من خلال ما نقرأ عنها تعتبر طموحة جدًا، فهي تسعى إلى تحقيق معدل نمو سنوي للقطاع الصناعي يتراوح بين 9 % إلى 10 %. وهذا من شأنه إذا تحقق أن يؤدي إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الصناعي في بلدنا ما بين 3 إلى 4 أضعاف، بنهاية 2030.

إن الأمر ربما يتطلب إنشاء مدن صناعية تختلف عن المدن الصناعية الموجودة، والتي وصل سقف إمكانياتها أقصاه، ولذلك فلعل إنشاء مدينة صناعة السيارات تكون بداية لإقامة مدن صناعية متخصصة تعطي دفعا للقطاع الصناعي، كما أن إنشاء هذه المدينة ربما يكون مؤشرا على عزم القطاع الحكومي تقديم دعم للصناعة بصورة أكبر، فمساندة القطاع الخاص ضمن صندوق التنمية الصناعية والمدن الصناعية الموجودة لم يؤدِ إلى ولادة صناعات وشركات على غرار هيونداي وإل جي وسامسونغ، فهذه الشركات الكورية قد نشأت وترعرعت ضمن تجربة التّشيبولات في كوريا الجنوبية، والتي يمكن للمدن الصناعية المتخصصة أن تكررها أو تكون مشابهة لها، إن مدينة صناعة السيارات سوف ترسي بداية لقيام شركات خاصة متطورة ذات قوة تصديرية كبيرة ومقدرة على توظيف شبابنا واكتسابهم الخبرة ليس فقط على خطوط الإنتاج وإنما في المختبرات التي سوف تقام من أجل التطوير والاختراع، فالتوقعات تشير إلى أن التطور الصناعي يمكن أن يساهم في زيادة أعداد الوظائف ذات المهارات العالية في القطاع الصناعي بمعدل نمو يبلغ 9 %، وزيادة الصادرات الصناعية بنسبة 18 %.