درس من انتخابات العراق

18-08-2018
يونس السيد

بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية العراقية التي أجريت في 12 مايو/أيار الماضي، والتي كان ينتظر الإعلان عن نتائجها النهائية بعد ساعات من إعلان النتائج استناداً إلى أجهزة التصويت الإلكترونية والخطط الموضوعة مسبقاً، لم تؤد عمليات إعادة الفرز والعد اليدوي التي أجريت في الداخل والخارج إلى تغييرات ذات شأن، بقدر ما قدمت درساً مهما لكل الراغبين في ترسيخ وتطوير العملية الديمقراطية والذين يضعون العراقيل في طريقها على حد سواء.
لسنا بصدد الحديث عن كل الشوائب والتحذيرات والنواقص وعدم الجاهزية التي سبقت الانتخابات الأخيرة، لكننا سنتحدث عما بعدها، إذ إن المحصلة العامة بعد إعادة الفرز والعد اليدوي، وهي عملية لم تؤثر كثيراً في النتائج الأولية بقدر ما أدت إلى تغييرات طفيفة داخل القوائم المتنافسة نفسها، كانت سلبية وربما مؤذية للعراقيين وللعملية الديمقراطية والتحالفات لينعكس كل ذلك على تشكيل الحكومة الجديدة. بمعنى أن الشعب العراقي هو من يدفع ثمن أخطاء القادة والكتل السياسة الفادحة، عندما سمح هؤلاء، ليس فقط بحدوث فضائح الغش والتزوير والخروقات والصفقات التبادلية وشراء الأصوات بالمال ثم إحراق صناديق الاقتراع في بعض المناطق، وإنما بحدوث شلل حكومي وفراغ تشريعي ومؤسساتي، أدى إلى شلل دستوري.
وظهرت نتائجه بوضوح في الخلل الأمني الخطير الذي أحدثته فلول تنظيم «داعش» وخلاياه النائمة في العديد من المحافظات، إلى درجة انه بات يشكل تهديداً جدياً، وفي كيفية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضد الفساد وللمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وتشغيل العاطلين عن العمل وغيرها، وهي كلها قضايا ذات صلة بنتائج الانتخابات الأخيرة. والأسوأ، أن تعطيل العملية السياسية والتباطؤ في تشكيل الحكومة الجديدة والمناكفات بين الكتل والقوى المختلفة جعل البلاد ساحة للتجاذب الخارجي، خصوصاً بين الولايات المتحدة وإيران، حيث يسعى كل طرف إلى إيصال القوى السياسية الموالية له إلى دفة الحكم، فيما تنذر إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران بتحويل العراق إلى ساحة صراع بينهما، سيكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب العراقي.
إذ هناك انقسام واضح على مستوى الكتل والنخب السياسية ما بين الالتزام بالعقوبات الأمريكية وبين تحويل البلاد إلى منفذ رئيسي للتجارة الإيرانية، استيراداً وتصديراً. ولعل الدرس الأبلغ في كل ذلك هو إضعاف العراق وحرمانه من قدرته على التأثير ولعب أي دور إيجابي في محيطه العربي والإقليمي، فيما ستظل هذه الانتخابات العنوان الأبرز لفشل التجربة الديمقراطية، والأكثر إثارة للجدل بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

younis898@yahoo.com