رهان شمشوني

15-08-2018
خيري منصور

ما كُتِبَ عن الإرهاب، خلال السنوات القليلة الماضية، أضعاف ما كُتِبَ خلال نصف قرن، ليس فقط بسبب تصاعد وتيرته؛ بل لأن منجزات البحث وتفكيك الظواهر تقدمت كثيراً، ولم يعد التوصيف الأفقي كافياً. وما استحدث من مناهج نفسية واجتماعية أعاد الظواهر إلى جذورها، فالإرهاب ليس طارئاً في عصرنا، وقد عانته البشرية على امتداد التاريخ، وكان العنف على الدوام من إفرازات ثقافة سامة.
ومئات الكتب التي ألفها علماء نفس واجتماع عن العنف، بقيت لفترة من الزمن في نطاق التداول الأكاديمي، وبعيدة عن الشعوب، ورغم أن رهان الإرهاب شمشوني، وعلى طريقة عليّ وعلى أعدائي، إلا أن نزعة تدمير الذات سواء تمثلت في الانتحار أو في تعذيب الذات تبقى مفاعيل مضادة لحركة التاريخ. ولم يحدث أن انتصر الإرهاب ذات يوم في أي مكان من العالم، وحين يحقق أهدافاً فهو سرعان ما يأكل ذاته؛ لأنه يحمل بذور موته في جذوره.
وإحدى مفارقات الإرهاب، أنه يشتد ويستدعي آخر احتياطاته؛ عندما يجد نفسه محاصراً، أما الحماقة الكبرى للإرهاب؛ فهي أنه كالقط الذي لحس مبرداً حديدياً، واستمرأ مذاق دمه حتى الموت، فهو حَشَد من الأعداء حوله ما يحتاج إلى معجزة لتحقيقه. ولا شك أن هناك ما يجزم بأن الإرهاب دخل طور الاحتضار، وانكشفت الحقائق؛ بحيث ما من سبيل لمواصلة خداع الأبرياء واصطياد الضحايا واستثمار ضياعهم !

khairi_mansour@yahoo.com