إيران في ظل العقوبات

15-08-2018
فتح العليم الفكي

عندما تحاصر الأزمات السياسية والاقتصادية دولة ما فإنها تجند أجهزتها الرسمية ومفكريها وخبراءها وعلماءها للبحث عن مخرج من هذه الأزمات، خاصة إذا بدا تأثير هذه الأزمات واضحاً في الشارع ومست بشكل مباشر الأحوال المعيشية للمواطن.
ما تعيشه إيران هذه الأيام بعد إعلان الإدارة الأمريكية فرض حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية دخلت حيز التنفيذ اعتباراً من يوم الثلاثاء الأسبق يفرض على القيادة الإيرانية البحث الجاد عن مخرج يجنب الشعب الإيراني ويلات هذه العقوبات التي عمقت من تفاقم الأوضاع الاقتصادية المتردية أصلاً.
لقد استمرأت إيران منذ قيام ثورة الخميني في أواخر سبعينات القرن الماضي المناورات السياسية للخروج من أزماتها، ولكن يبدو هذه المرة أن هامش المناورة أمامها جد ضعيف وسوف لن تنجح المناورات والمراوغات في إنقاذها من ورطتها، خاصة وأن الجبهة الداخلية غير موحدة، والشارع يغلي بسبب الأزمات الحياتية المتلاحقة والمظاهرات المطالبة برحيل النظام تتصاعد وتنتشر في المدن كافة.
كما أن العقوبات الأمريكية الشاملة التي تستهدف بشكل خاص مشتريات إيران من السيارات والنقل والذهب والمعادن عمقت من متاعب الاقتصاد الإيراني، وكان من أولى نتائجها إعلان حوالي 100 شركة من كبريات الشركات الأوروبية مثل بيجو الإيطالية ورينو الفرنسية وتوتال وجنرال اليكتريك وسيمنس الالتزام بها والخروج من السوق الإيراني. كل هذا ولا يحرك النظام الإيراني ساكناً، ويبدو غير عابئ بما يعانيه شعبه الآن وبما سيعانيه في المستقبل جراء تلك العقوبات.
المشكلة هي أن هذه العقوبات لن تكون هي نهاية المطاف في سلسلة العقوبات الأمريكية، إذ سيتلقى الاقتصاد الإيراني ضربة كبرى في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل عندما تعيد واشنطن فرض عقوبات على صناعة النفط تشمل معاقبة الشركات التي تتعامل مع النفط الإيراني ما يعني أن الاقتصاد الإيراني سيصاب بالشلل التام وستختنق البلد أكثر فأكثر وستدخل في عزلة تامة.
لقد منح الرئيس دونالد ترامب قادة النظام الإيراني فرصة أخيرة للتفاوض الجاد حول الاتفاق النووي ودعا الرئيس حسن روحاني لمفاوضات مباشرة معه للخروج بحلول للأزمة، ولكن قادة النظام يرفضون بشكل قاطع عقد أي محادثات مع واشنطن ويتهمونها «بإدمان العقوبات»، وأكد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أنه لن تكون هناك أي لقاءات مع المسؤولين الأمريكيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
إذن ما الذي يريده النظام الإيراني بالضبط؟ هل يريد أن يترك يعربد ويعمل على تصدير ثورته ورعاية مشاريع الفوضى والدمار وإشعال الفتن الطائفية في المنطقة؟ ألا يدرك هذا النظام أن مشروعه أورث الشعب الإيراني الفقر والجوع والإذلال ولا بد من لجمه.

alzahraapress@yahoo.com