متى يختفي الروتين؟

23-07-2018
إيمان عبدالله آل علي

كثيراً ما تعطل الإجراءات الروتينية مصالح الأفراد، وتجعلهم في سُبات انتظار لا ينتهي، وتهدر الوقت والجهد. وكثيرة هي المعاملات التي تتطلب عدداً من الإجراءات الروتينية التي يمكن الاستغناء عنها، وتجعل الفرد يفكر مراراً وتكراراً، قبل أن يقدم على الخطوة، لأنه يدرك تماماً أن العملية ستطول، وأنه لن ينال ما يريده إلا بعد صبر طويل وجهد كبير.
ومن تلك الإجراءات التي تستغرق وقتاً طويلاً، الشكاوى الطبية التي تتعلق بالدرجة الأولى بصحة الإنسان، فكيف لمعاملة من هذا النوع أن تستغرق من شهرين إلى ثلاثة؟ وكيف لمريض يتألم، أن ينتظر الحصول على الردّ بعد شهرين؟
في بعض الجهات الصحية في الدولة، يستطيع المشتكي أن يقدم الشكوى عبر التقنيات الذكية، وفي أخرى لا بدّ من الزيارة الشخصية، وفي كلتا الحالتين، الإجراءات تطول، والمريض قد ييأس ولا يسعى لمتابعة الشكوى، لانشغاله بعلاج الخطأ الذي تسبب فيه الطبيب، وفي تلك الرحلة تضيع الحقوق، والمخطئ يستمر في خطئه مع ضحية أخرى.
فإلى متى نبقى نعاني هذا الروتين المملّ؟ ولماذا لا يُنظر في الشكاوى الطبية خلال يومين، وفي حد أقصى، خلال أسبوع، خاصة أن هناك لجاناً متخصصة؟
ما ذنب المريض أن ينتظر ثلاثة أشهر، لإصدار تقرير اللجنة الطبية التي تعتمد فيه على فحوص المستشفى الذي حدث فيه الخطأ الطبي (من غير فحص المريض وكشفه طبياً) لبيان خطأ الطبيب؟ ومن سيتحمل الضرر الصحي والجسدي والمالي والمعنوي والنفسي المحيط بالمريض؟ وإلى أين يتجه المريض لتصحيح خطأ الطبيب، خاصة أن الجهة التي تتلقى الشكوى لا ترشده إلى الطبيب البديل؟ وإذا لم تكن للمريض القدرة المالية لتصحيح الضرر، فكيف يتصرف؟
الإهمال والخطأ الطبي قد يكلفان الإنسان سنوات عدة للعلاج، وربما يتسببان في إصابته بمضاعفات صحية، قد تصل إلى فقدان الحياة، فلا تهاون في الأمر، ولا وقت للانتظار، ما دامت القضية متعلقة بصحة الإنسان وحياته.
الشاهد أن الخدمات الحكومية تطورت بشكل لافت، وانتهت أرتال الانتظار، وحققنا مراكز متقدمة في التنافسية العالمية، وبات المتعامل يحصل على الخدمة بكبسة زر، إلا أنه مازالت هناك رتابة تعطل عجلة التقدم، وتجعل الأفراد ينتقدون بعض الجهات، وتعوق أهداف الدولة للوصول للمركز الأول، وبتقليص تلك الإجراءات والأوراق التي تطلب بشكل متكرر، نقلل مدة الانتظار، ونحقق سعادة المتعاملين التي هي هدف القيادة الأسمى.
بعض المعاملات يجب النظر فيها بشكل عاجل، خاصة في ما يتعلق بالشكاوى، والاهتمام بكل ملاحظة وشكوى واردة للمؤسسة سيكون له الأثر الكبير في تطوير الخدمات وتحسينها، ورد الحق إلى أصحابه.
توفير الخدمة المتميزة يتطلب جملة من الإجراءات التي لا تقتصر على إصدار قانون أو تفعيل تطبيق ذكي، وأبرزها الانتهاء من المعاملة في أٌقصر وقت، وبزيارة واحدة أو كبسة زر، والواقع أن بعض المعاملات وتحديداً الشكاوى مازال الروتين هو العائق الأكبر فيها.
تلك الإجراءات الروتينية، رغم ضرورة بعضها، فإنها لم تعد تتناسب مع ما وصلت إليه الدولة، ولم يعد مقبولاً الانتظار لفترة طويلة، من أجل الحصول على الخدمة، فلتبتكر المؤسسات حلولاً ناجعة للقضاء على تلك الإشكاليات.

Eman.editor@hotmail.com