قطر «الصفراء»

23-07-2018
ابن الديرة

يحتاج الإعلام المضاد إلى شيء من الذكاء حتى لا يصبح مكشوفاً أو ينحدر إلى الحضيض، وهذا ما فشلت فيه قطر فشلاً ذريعاً مدوياً، فكل إعلام ممول من قطر أصبح له لون قطر ونكهتها وصبغتها وأسلوبها. تنطلق الفكرة من مطبخ الفبركات في الدوحة، وسرعان ما تردد الفكرة ذاتها، وإن بلغة تتفاوت حسب الخبرة في ممارسة السقوط، بين الوطن العربي وأوروبا وأمريكا، ولذلك يجب وضع افتراءات جريدة «الأخبار» اللبنانية في المكان والحجم الصحيحين. بوق آخر من أبواق قطر والمال السياسي القطري، أما أكذوبة «إخضاع مسقط»، فهي تنادي على نفسها بأعلى صوت وكأنها المريب، فلا تسريبات أصلاً، ولا يعقل إخضاع دولة شقيقة وجارة ومحترمة ولديها مؤسسات قوية ومحترمة. هذه الأكذوبة لا تحاول إهانة الإمارات أو تحاول الإساءة إليها فقط، وإنما تفعل الفعل ذاته ضد سلطنة عمان الشقيقة، ولا عجب، فهي تصدر عن نظام قطر الذي فقد رشده وأضاع بوصلته.
لا تسريبات من سفارة الإمارات في مسقط، ولا تسريبات من سفارات الدولة في الخرطوم وبغداد والرباط، وليست إلا افتراءات الصحيفة الصفراء في بيروت ورائحة المال السياسي القطري تفوح من بين صفحاتها وسطورها. المشكلة مشكلة قطر، والأزمة إنما هناك في الدوحة، عاصمة الدولة التي أصبحت تستدعي الشفقة أولاً، وقبل أي شيء آخر.
الموضوع، في حد ذاته، واضح وضوح الشمس في قمة الضحى كما يقال، وهو شأن كل ما يتصل بالدولة المرتبكة لا يستحق الكلام الكثير، لكن لا بد من التأكيد على نقطتين مهمتين:
أولا - حسناً فعل المكتب الإعلامي لسفارة الإمارات في بيروت، حين سارع إلى التكذيب والتوضيح والرد على افتراءات الصحيفة اللبنانية الصفراء، فلا شك أن هذا مهم وضروري، نحو عدم تمادي الخصوم وكشفهم أولاً بأول، ونحو عدم إتاحة تراكم الكذبة فوق الكذبة إلى أن تبدو الأكاذيب التي يتكدس بعضها فوق بعض وكأنها هضبة أو حتى جبل وإن كان من الضعف والهشاشة. نعم هذه سياسة إعلامية ناجحة وعلى كل مؤسساتنا المتضررة من العدوان القطري البائس سلوكها، بدلاً من أي إهمال أو تأجيل، فالتوثيق ضروري، نحو خدمة القضية في الراهن والمستقبل.
ثانياً - من المسيء جداً للبنان الشقيق أن تتحول ساحته إلى الفوضى الإعلامية والسياسية، لحساب جهات قطرية خصوصاً، وخارجية في المجمل، ويكفي لبنان الحضارة والثقافة والجمال ما عاناه نتيجة اختراق ساحته في أزمنة مختلفة، ما أسهم في قيام الحرب الأهلية منتصف السبعينات، وما غذى قيام حزب مثل حزب الله بين قوسين، بتبعيته إلى نظام الولي الفقيه في إيران وكأنه دولة داخل الدولة.
في الختام: لدى لبنان ما يكفيه من مشاكل داخلية وظروف موضوعية، فابتعد عنه يا نظام الفتنة والتدليس والدسائس في قطر.
حفظ الله لبنان، وحمى شعب لبنان العزيز الكريم.

ebnaldeera@gmail.com