صراعات وحروب المياه

23-07-2018
فتح العليم الفكي

أصدر البنك الدولي الأسبوع الماضي تقريراً عن أزمة المياه في منطقة الوطن العربي وإفريقيا والنقص الحاد الذي تعانيه بعض الدول، وأشار التقرير إلى أن 17 دولة في الشرق الأوسط تقع تحت خط الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة ب500 مليون متر مكعب في السنة للفرد.
وفي واقع الأمر، هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مراكز بحثية ومؤسسات دولية مرموقة تقارير ودراسات تحذر من النقص الحاد في المياه في المنطقة، حيث صدرت ومنذ أواخر ثمانينات القرن الماضي عدة دراسات نبهت كلها إلى خطورة الموقف المائي في الوطن العربي وتنبأت بوقوع حروب ونزاعات بسبب ذلك.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، توقع تقرير أصدره معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن في عام 1989 أن تشهد منطقة الشرق الأوسط في غضون عشر سنوات حرباً للسيطرة على مصادر المياه، وعلل التقرير ذلك بالزيادة الكبيرة التي ستطرأ في عدد سكان المنطقة خلال تلك الفترة.
ولم يكن المعهد البريطاني هو وحده من تنبأ بحرب مياه في المنطقة، فهناك أيضاً منظمة اليونسكو التي أصدرت تقريراً في عام 1999 تتنبأ فيه بأن الوطن العربي ستجتاحه أزمة مياه حادة بعد حلول العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وستنعكس هذه الأزمة على إمدادات الغذاء والإنتاج الصناعي في أخطر مأزق تاريخي سيواجه الأمة العربية.
بدورها، توقعت صحيفة «لوس أنجلوس» أن تواجه دولة الاحتلال «الإسرائيلي» والدول العربية نقصاً حاداً في المياه مع بداية القرن الحادي والعشرين وسيضطر الطرفان للتعاون أو خوض حرب يتم الاتفاق في نهايتها على تقاسم المياه!
وفوق هذا وذاك هناك سرقة المياه العربية التي برعت فيها «إسرائيل» التي لم تكتف باغتصاب الأراضي العربية حيث تقوم ومنذ سنوات بعيدة بسرقة ما مقداره 1200 مليون متر مكعب من المياه العربية من الضفة الغربية ومن سوريا ولبنان.
وتفعل تركيا الشيء نفسه حيث قامت ببناء سبعة سدود على نهر الفرات وستة على نهر دجلة ما تسبب بحرمان العراق من حصته المائية المقررة دولياً، كما تأثرت حصة سوريا كذلك.
صحيح أننا لم نشهد قيام حرب في العصر الحديث بسبب النقص الحاد في المياه، ولكن هذا لا يقدح في صدقية ودقة دراسات مراكز الأبحاث الدولية، وعدم قيام حرب لا يعفي الحكومات العربية من مسؤولياتها في إجراء البحوث ودق ناقوس الخطر بتوعية شعوبها بترشيد الاستهلاك.
إن دول المنطقة في حاجة ملحة لإيلاء مشاكل نقص المياه الاهتمام الكافي ووضع الأزمة ضمن أولوياتها لتجنب تفاقمها مستقبلاً حتى لا يقع المحظور، وتجد نفسها مضطرة لخوض صراعات وحروب بسبب المياه.

alzahraapress@yahoo.com