جامعاتنا.. إمكانات معطلة في إجازة الصيف!

22-07-2018

تتكون منظومة التعليم الجامعي في المملكة من 26 جامعة حكومية، وجميعها ذات طاقة استيعابية عالية، وموزعة جغرافيا وفق الاحتياج والكثافة السكانية، وتتمتع كافة هذه الجامعات بقدر كبير من الاستقلالية في المجالين الإداري والأكاديمي. ويدرس في هذه الجامعات قرابة مليون ونصف المليون طالب وطالبة تحت إشراف نحو 70 ألف عضو هيئة تدريس، بمختلف مراتبهم ودرجاتهم العلمية، وذلك وفق أحدث إحصاءات وزارة التعليم لعام 2017.

وبخلاف الفصل الدراسي الصيفي، مع وجود بعض الأنشطة التقليدية والمكررة في عدد من الجامعات، فإن هذه الطاقات البشرية الهائلة والمرافق الجامعية المتنوعة تمسي معطلة بشكل شبه تام طيلة الإجازة الصيفية، ودون استثمار لتلك القدرات والإمكانات الجامعية بما يعود بالنفع على البيئة المحيطة، وفي الوقت نفسه، يعظم الدور غير الأكاديمي للجامعات باعتبارها مؤسسات قيادية تسهم في عملية تمكين الفرد وتنمية المجتمع، وتشارك بصورة أساسية في التطور الحضاري للوطن.

وفي نظرة سريعة على محتوى المواقع الالكترونية لبعض الجامعات، نجد أن وحداتها المختصة بخدمة المجتمع غالبا ما تبادر خلال العام الدراسي بالإعلان عن دورات تدريبية تقليدية في العناوين والمحتوى، مثل: البحث العلمي، وإدارة الوقت، وإدارة الأزمات، وإدارة الجودة الشاملة، وبناء فريق العمل، والسلامة المنزلية، والإسعافات الأولية، وتعليم اللغات ومهارات الحاسب، وغيرها من الدورات التي غالبا لا تحظى باهتمام الفرد والمجتمع؛ لتقليدية محتواها، وتكرار تنظيمها، وعدم مناسبة توقيتها.

وفي المقابل، يمكن للجامعات تقديم الإضافة النوعية، بإطلاق مبادرات وبرامج مميزة لإثراء المعارف والعلوم والثقافة، وتعزيز القدرات والمهارات الفردية والجماعية، بأساليب مبتكرة تأخذ في الحسبان طبيعة البيئة المحيطة، وتباين شرائح المجتمع وفئاته العمرية، لتصميم وتطوير وتصمم برامج معرفية أو دورات تدريبية أو ورش عمل أو حلقات نقاش في مجالات تشبع احتياجات الفرد وحاجات المجتمع، سواء أكانت مجانية أو برسوم رمزية، أو كانت واقعية أو افتراضية.

ويتم تسويق هذه البرامج والدورات بأسلوب جاذب يرتكز على نوعية المحتوى وتميزه، مع اختيار التوقيت المناسب للتنفيذ، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: الإرشاد النفسي والاجتماعي للمقبلين على الزواج، والتدريب على تنشئة الأبناء بالأساليب التربوية الحديثة، وتعليم الأخلاقيات الأساسية للعمل والإنتاج، والتوعية بالعمل التطوعي والتكافل الاجتماعي، والتدريب على القيادة الوقائية، وتعليم مبادئ الفنون المختلفة، والاستخدام الإيجابي لوسائل الإعلام الاجتماعي، وغيرها كثير من البرامج التي تواكب أولويات المجتمع واهتماماته ولو بشكل جزئي.

ويمكن في هذا الجانب حث الطلاب والطالبات، كل في تخصصه الذي يدرسه أو يتقنه، حثهم على التطوع في تنظيم وتنفيذ هذه البرامج والدورات، والأفضل اعتماد ذلك ضمن متطلبات المقررات الجامعية أو الخطة الدراسية، لغرس ثقافة التطوع وخدمة المجتمع، وتنمية معارفهم بالميدان العملي، وتعزيز تجاربهم في التعامل مع الجمهور.

كما يمكن للجامعات استثمار بعض مرافقها والاستفادة منها في فترة الإجازة الصيفية، خاصة ذات الطاقات الاستيعابية الجماهيرية، كالمرافق الرياضية والمكتبات والمسارح والصالات والقاعات الكبيرة، وتسويقها على الجهات المعنية بالأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية، ومساعدتها على تنفيذ جزء من روزنامتها أو برامجها الموجهة للمجتمع، الأمر الذي سيسهم في التنمية المجتمعية، ويحقق عائدا معنويا للجامعات يعزز سمعتها وصورتها الذهنية، إلى جانب تحقيق مردود مادي يدعم ميزانياتها ويقلل من تكاليف تشغيل وصيانة مرافقها.

وخلاصة الرأي؛ أنه ينبغي للجامعات إعادة النظر في مفهومها للإجازة الصيفية، والقيام بدور مهم ومحوري، لتمكين رؤية 2030 الطموحة، والمساهمة في تحقيق «مجتمع حيوي بنيانه متين»، من خلال صناعة جيل ذي شخصية قوية ومستقلة، يتصف بروح المبادرة والمثابرة والقيادة، ويملك القدر الكافي من الوعي الذاتي والاجتماعي والثقافي، بتطوير المنظومة التعليمية، واستثمار القدرات البشرية والمرافق والإمكانات المادية، واستحداث مجموعة نوعية ومتنوعة من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والتطوعية والرياضية والترفيهية، لترسيخ دور الجامعة في قيادة تطور المجتمع وتنميته.

shakerabutaleb@