قانون القومية اليهودية

21-07-2018

«إسرائيل لليهود فقط»، هذه خلاصة قانون القومية اليهودية الذي أقره الكيان الصهيوني في 18 يوليو الحالي، مؤسسا لأبشع قانون عنصري يمارس على أرض محتلة منذ عرف التاريخ، وعملية تدشين لأبارتايد جديدة (Apartheid) مشابه لنظام الفصل العنصري الذي حكمت من خلاله الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا عام 1948 إلى مطلع التسعينات الميلادية.

هذا القانون سعى خلفه الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشباك)، وعضو الكنيست الحالي عن حزب الليكود آف ديختر، وبدأ محاولاته قبل سبع سنوات، لكن هذا اليهودي اليميني فشل في تمرير مشروع القانون، لكنه لم يستسلم، وتم اعتماده بعد التصويت عليه بموافقة 62 نائبا في الكنيست الإسرائيلي واعتراض 55 نائبا.

هذا القانون جزء منه جمع قوانين عنصرية سابقة، وجزء منه قوانين عنصرية جديدة، تحمل أبعادا أيديولوجية عقائدية وسياسية غير مسبوقة، فمثلا جعل حق تقرير المصير لليهود فقط على أرض إسرائيل كما يقول القانون، وأرض إسرائيل التي يعنيها أكبر من دولة المحتل الإسرائيلي حاليا لأنها تشمل الضفة الغربية، بل شجع القانون على الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية واعتبره ذا قيمة قومية تعمل إسرائيل المحتلة لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته، كما أن اعتماد اللغة العبرية كلغة رسمية فقط، والمس باللغة العربية وتخفيض مكانتها من رسمية إلى خاصة، يعدان سابقة تاريخية خطيرة.

بهذا القانون يقطع الطريق أمام ممثلي العرب الفلسطينيين في الكنيست بالتوجه للمحكمة العليا، لأن هذه القوانين أصبحت ضمن الدستور ولا يمكن نقضها من خلال أي محكمة، وأي تغيير في هذا القانون يستلزم أغلبية مطلقة من الكنيست، وهذا لن يتحقق في ظل هيمنة اليمين الصهيوني على مفاصل حكومتهم العميقة منذ عام 1977 حتى الآن.

إن هذا القانون يدق المسمار الأخير في نعش الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة التي تكذب بها دولة المحتل الصهيوني نفسها بعد ادعائها المتكرر منذ نشأتها بأن نظامها يقوم على الديمقراطية التعددية النزيهة.

منذ عام 1948 قام المحتل الإسرائيلي ببناء نحو 700 تجمع سكاني لليهود، ولم يبن وحدة سكنية واحدة لعرب فلسطين البالغ عددهم أكثر من مليون ونصف المليون نسمة ويمثلون 20 % من سكان الأراضي التي تحتلها إسرائيل.

يصادر هذا القانون الحق الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية، ويشطب حق عودة اللاجئين لديارهم وأرضهم، كما يضعف هذا القانون فرص قيام حل الدولتين الذي يحظى بتأييد دولي كبير.

ويأتي السؤال: كيف سيترجم هذا القانون الأساسي مع بقية القوانين الأخرى مثل قانون الانتخاب؟ وهل سيتم تقليص أو إلغاء تمثيل العرب الفلسطينيين في الكنيست بحكم أنهم لا يملكون حق تقرير المصير؟

أما رئيس الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو فاعتبرها لحظة فارقة في تاريخ الصهيونية وتاريخ دولة إسرائيل المحتلة، معتبرا أن رؤية تيودور هيرتزل بشأن دولة قومية لليهود تتحقق بعد مرور 122 عاما، والحقيقة تقول بأن هيرتزل كان أرحم منك يا نتنياهو، فرغم أن هيرتزل الأب الروحي للصهيونية السياسية وألف كتابه المعروف بـ «دولة اليهود»، لكنه أكد فيه منح حقوق متساوية لكل المواطنين بمن فيهم العرب، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم في دولة ديمقراطية ومتعددة الأجناس.

ختاما، يتوجب على الفلسطينيين سياسيين كانوا أو مواطنين إعادة ترتيب أوراقهم، والإسراع بتوحيد صفهم قبل كلمتهم، والتخلص من أسباب الفرقة والتشاحن بينهم، والتعامل مع واقعهم باستراتيجية تصحح الأخطاء السابقة أو تمنع تكرارها مستقبلا، فالتاريخ لا يرحم.

hq22222@