هل كان زرادشت نبيا؟

20-07-2018

كانت الديانة الزرادشتية أحد أسباب زيارتي لجمهورية أذربيجان، رغبة مني بأن أتعرف على هذه الديانة التوحيدية القديمة. فالزرادشتية التي يكثر حولها الكلام معروفة لدى العرب بالديانة المجوسية، وبدأت بالأساس في أذربيجان الإيرانية، فكانت الدين الرسمي للإمبراطورية الساسانية حتى القرن السابع عندما حل الإسلام على فارس وما وراءها.

أما مؤسسها فهو «زرادشت» المولود قبل الميلاد بـ 650 سنة تقريبا، ونشر تعاليمه التي أهمها دعوته إلى التوحيد ونبذ كل الآلهة الموجودة حينها، ورفع شعار «المجتمع العمل الصالح، الفكر الصالح، والقول الصالح».

في مدينة باكو زرت معابد زرادشتية عدة، ولاحظت فيها اشتعال النيران المستمر، ليتضح لي أنها مشتعلة منذ مئات السنين ليس لعبادتها كما يعتقد كثيرون، وإنما بسبب قدسيتها ورمزيتها، فهي النور الإلهي وحكمته، فبحسب تعاليمهم العالم ينقسم إلى نور وظلام، والحياة هي معركة بين الخير والشر.

الأكثر غرابة هي أوجه التشابه بينها وبين الإسلام والمسيحية، فالزرادشتيون ومنذ 3000 سنة يقيمون الصلاة خمس مرات في اليوم «الفجر، الظهر، العصر، المغرب، ومنتصف الليل»، ومن شروط الصلاة الوضوء والطهارة والتوجه إلى القبلة التي هي الضوء كنور الشمس أو النار في المعابد. يصومون شهرا في السنة، ويؤمنون بالصراط المستقيم، وبأن عمل الإنسان في الدنيا يحدد مصيره يوم الحساب. وفي المخطوطات القديمة عن سيرة زرادشت وجدت كتابات تتطرق عن رحلة قام بها تشابه رحلة الرسول عليه الصلاة والسلام للإسراء والمعراج.

هذا التشابه بين الأديان السماوية والزرادشتية يجعلنا نتساءل: هل كان زرادشت من أنبياء الله؟!

وإن كنا لن نعرف الجواب اليقين لعدم ذكر زرادشت في القرآن الكريم، ولكن بين لنا الله عز وجل في آياته أنه لم يخبرنا عن جميع الرسل، وإنما عن بعضهم فقال في كتابه الكريم: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ» غافر/78، وفي السنة المطهرة في رواية أبي أمامة قال أبوذر: قلت يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: مئة ‏ألف، وأربعة وعشرون ألفا، والرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا.

وقد ذكر في قصص القرآن الكريم 25 نبيا، وهذا يجعلنا لا نجزم بالإجابة، ولكن يفتح باب التساؤل: هل كان زرادشت نبيا من أنبياء الله وتم تحريف تعاليمه؟

من أسباب قدسية النار لديهم أن النيران الطبيعية في أذربيجان تشتعل دون توقف منذ آلاف السنين، فظن الأهالي أن تفسير هذه الظاهرة هي قدسية النار لدى الخالق، وفي القرن الماضي تبين أن سبب اشتعال النيران المستمرة هو تصاعد فقاعات الغاز الطبيعي من باطن الأرض عبر تشققات صخرية وتفاعلها مع الأكسجين.

كتابهم المقدس يدعى «الأفيستا»، ولكن تم حرق جميع النسخ على يد الإكسندر المقدوني بعد انتصاره على بلاد فارس عام 330 قبل الميلاد، قام بعدها الزرادشتيون بإعادة كتابة ما حفظوه من تعاليم ووصايا.

ReaderRiy@